٢١ - عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﵌ قَالَ: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِقَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِشَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ، فَظَنَنْتُ أَنِّي أَنَا هُوَ، فَقُلْتُ: وَمَنْ هُوَ؟ فَقَالُوا: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ» (صحيح رواه الترمذي).
٢٢ - عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ﵁ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﵌: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثّدِيَّ وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ»، قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الدِّينَ» (رواه البخاري ومسلم).
٢٣ - قَالَ رَسُولُ اللهِ ﵌: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ» (رواه البخاري ومسلم).
الْفَجّ: الطَّرِيق الْوَاسِع، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْمَكَان الْمُنْخَرِق بَيْن الْجَبَلَيْنِ، وَهَذَا الْحَدِيث مَحْمُول عَلَى ظَاهِره أَنَّ الشَّيْطَان مَتَى رَأَى عُمَر سَالِكًا فَجًّا هَرَبَ هَيْبَة مِنْ عُمَر، وَفَارَقَ ذَلِكَ الْفَجّ، وَذَهَبَ فِي فَجّ آخَر لِشِدَّةِ خَوْفه مِنْ بَأْس عُمَر ﵁ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ شَيْئًا.
٢٤ - عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عُثْمَانَ ﵁ حِينَ حُوصِرَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: «أَنْشُدُكُمْ اللهَ وَلَا أَنْشُدُ إِلَّا أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﵌ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﵌ قَالَ «مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ»، فَحَفَرْتُهَا، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ»، فَجَهَّزْتُهُمْ».قَالَ فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ. (رواه البخاري).
(أَنْشُدُكُمْ):أسألكم وأقسم عليكم.
قال الحافظ ابن حجر ﵀: «... وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق الْأَحْنَف بْن قَيْس أَنَّ الَّذِينَ صَدَقُوهُ بِذَلِكَ هُمْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَسَعْد بْن أَبِي وَقَّاص».
٢٥ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ ﵁ قَالَ: جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ ﵌ بِأَلْفِ دِينَارٍ حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَيَنْثُرُهَا فِي حِجْرِهِ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ ﵌ يُقَلِّبُهَا فِي حِجْرِهِ وَيَقُولُ: «مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ» مَرَّتَيْنِ. (حسن رواه الترمذي).
(فَنَثَرَهَا) أَيْ وَضَعَ الدَّنَانِيرَ مُتَفَرِّقَاتٍ. (يُقَلِّبُهَا) أَيْ الدَّنَانِيرَ.
(مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ) أَيْ فَلَا عَلَى عُثْمَانَ بَأْسٌ الَّذِي عَمِلَ بَعْدَ هَذِهِ مِنْ الذُّنُوبِ فَإِنَّهَا مَغْفُورَةٌ مُكَفَّرَةٌ.
٢٦ - عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاص ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﵌ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا، فَقَالَ: «أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاء».
قَالَ: «أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي» (رواه البخاري ومسلم).
قَالَ الْقَاضِي عياض: هَذَا الْحَدِيث مِمَّا تَعَلَّقَتْ بِهِ سَائِر فِرَق الشِّيعَة فِي أَنَّ الْخِلَافَة كَانَتْ حَقًّا لِعَلِيٍّ ﵁، وَأَنَّهُ وَصَّى لَهُ بِهَا. ثُمَّ اِخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ، فَكَفَّرَتْ الرَّوَافِض سَائِر الصَّحَابَة فِي تَقْدِيمهمْ غَيْره، وَزَادَ بَعْضهمْ فَكَفَّرَ عَلِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ فِي طَلَب حَقّه بِزَعْمِهِمْ.
وَلَا شَكَّ فِي كُفْرِ مَنْ قَالَ هَذَا؛ لِأَنَّ مَنْ كَفَّرَ الْأُمَّةَ كُلّهَا وَالصَّدْر الْأَوَّل فَقَدْ أَبْطَلَ نَقْل الشَّرِيعَة، وَهَدَمَ الْإِسْلَام.
وَهَذَا الْحَدِيث لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، بَلْ فِيهِ إِثْبَات فَضِيلَة لِعَلِيٍّ ﵁، وَلَا تَعَرُّض فِيهِ لِكَوْنِهِ أَفْضَل مِنْ غَيْره أَوْ مِثْله، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَة لِاسْتِخْلَافِهِ بَعْده، لِأَنَّ النَّبِيّ ﵌ إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِعَلِيٍّ ﵁ حِين اِسْتَخْلَفَهُ فِي الْمَدِينَة فِي غَزْوَة تَبُوك.
وَيُؤَيِّد هَذَا أَنَّ هَارُون الْمُشَبَّه بِهِ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَة بَعْد مُوسَى، بَلْ تُوُفِّيَ فِي حَيَاة مُوسَى، وَقَبْل وَفَاة مُوسَى بِنَحْوِ أَرْبَعِينَ سَنَة عَلَى مَا هُوَ مَشْهُور عِنْد أَهْل الْأَخْبَار وَالْقَصَص. قَالُوا: وَإِنَّمَا اِسْتَخْلَفَهُ حِين ذَهَبَ لِمِيقَاتِ رَبّه لِلْمُنَاجَاةِ».اهـ بتصرف من (شرح صحيح مسلم للنووي).
٢٧ - عن عَلِيٌّ بن أبي طالب ﵁ قَالَ: «وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ﵌ إِلَيَّ أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ» (رواه مسلم).
(فَلَق الْحَبَّة) شَقَّهَا بِالنَّبَاتِ. (وَبَرَأَ النَّسَمَة) خَلَقَ النَّسَمَة وَهِيَ الْإِنْسَان، وَقِيلَ: النَّفْس.
1 / 177