قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".
(فصل: في ليلة البراءة: وما خصت به من الكرامة والفضائل)
قال الله ﷿:
﴿حم * والكتاب المبين * إنا أنزلناه في ليلة مباركة﴾ [الدخان: ١ - ٣].
قال ابن عباس ﵄: ﴿حم﴾ يعني قضى الله ما هو كائن إلى يوم القيامة ﴿والكتاب المبين﴾ يعني القرآن ﴿إنا أنزلناه﴾ يعني القرآن ﴿في ليلة مباركة﴾ هي ليلة النصف من شعبان وهي ليلة البراءة، وقال ذلك أكثر المفسرين سوى عكرمة فإنه قال: هي ليلة القدر.
وقد سمى الله تعالى أشياء في القرآن مباركًا:
-منها سمى القرآن مباركًا، قال: ﴿وهذا ذكر مبارك أنزلناه﴾ [الأنبياء: ٥٠] فمن بركته أن من قرأه وآمن به اهتدى، وتخلص من النار ولظى، حتى يتعدى ذلك إلى الآباء والأبناء، وقال النبي ﷺ: "من قرأ القرآن نظرًا في المصحف خفف الله ﷿ عن أبويه العذاب وإن كانا كافرين".
-ومنها أنه ﷿ سمى الماء مباركًا قال: ﴿ونزلنا من السماء ماء مباركًا﴾ [ق: ٩] فمن بركته أن حياة الأشياء به؛ كما قال الله ﷿: ﴿وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون﴾ [الأنبياء: ٣٠].
وقيل فيه عشر لطائف: الرقة، واللين، والقوة، واللطافة، والصفاوة، والحركة، والرطوبة، والبرودة، والتواضع، والحياة، وجعل الله تعالى هذه اللطائف في المؤمن اللبيب: رقة القلب، ولين الخلق، وقوة الطاعة، ولطافة النفس، وصفاوة العمل، والحركة في الخير، والرطوبة في العين، والبرودة في المعاصي، والتواضع عند الخلق، والحياة عند استماع الحق.
-ومنها أنه ﷿ سمى الزيتون مباركًا في قوله تعالى: ﴿من شجرة مباركة زيتونة﴾ [النور: ٣]. وهي أول شجرة أكل منها آدم ﵇ حين أهبط إلى الأرض،