50

Ghidhaʾ al-albāb fī sharḥ manẓūmat al-ādāb

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Publisher

مؤسسة قرطبة

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

مصر

Genres

Sufism
فُنُونِهِ: حَرَامٌ عَلَى عَالِمٍ قَوِيِّ الْجَوْهَرِ أَدْرَكَ بِجَوْهَرِيَّتِهِ وَصَفَاءِ خَاطِرِهِ عِلْمًا أَطَاقَهُ فَحَمَلَهُ أَنْ يُرَشِّحَ بِهِ إلَى ضَعِيفٍ لَا يَحْمِلُهُ وَلَا يَحْتَمِلُهُ فَإِنَّهُ يُفْسِدُهُ.
وَلِهَذَا قَالَ ﵊ «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِ الْعَقْلِ لَهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، وَخَرَّجَهُ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ زِيَادٍ الْعَتَكِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ «أُمِرْنَا مَعْشَرُ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ» .
وَقَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ ﵁: حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
وَفِي الْآدَابِ الْكُبْرَى قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَاكَمَدَاهُ مِنْ مَخَافَةِ الْأَغْيَارِ. وَاحَسْرَتَاه مِنْ أَجْلِ اسْتِمَاعِ ذِي جَهَالَةٍ لِلْحَقِّ وَالْإِنْكَارِ. وَاَللَّهِ مَا زَالَ خَوَاصُّ عِبَادِ اللَّهِ يَتَطَلَّبُونَ لِنُزُوحِهِمْ بِمُنَاجَاتِهِمْ رُءُوسَ الْجِبَالِ وَالْبَرَارِيِّ وَالْقِفَارِ، لِمَا يَرَوْنَهُ مِنْ الْمُنْكِرِينَ لِشَأْنِهِمْ مِنْ الْأَغْمَارِ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: أَتَانِي الْأَعْمَشُ وَأَنَا أُحَدِّثُ قَوْمًا فَقَالَ وَيْحَك تُعَلِّقُ اللُّؤْلُؤَ فِي أَعْنَاقِ الْخَنَازِيرِ؟ قَالَ مُهَنَّا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ ﵁: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ؟ قَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحَدِّثَ مَنْ لَا يَسْتَأْهِلُ.
وَقَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ﵇: لِلْحِكْمَةِ أَهْلٌ فَإِنْ وَضَعْتهَا فِي غَيْرِ أَهْلِهَا ضُيِّعَتْ، وَإِنْ مَنَعْتهَا مِنْ أَهْلِهَا ضُيِّعَتْ. كُنْ كَالطَّبِيبِ يَضَعُ الدَّوَاءَ حَيْثُ يَنْبَغِي.
وَقَالَ ﵇: لَا تَطْرَحْ اللُّؤْلُؤَ إلَى الْخِنْزِيرِ فَإِنَّ الْخِنْزِيرَ لَا يَصْنَعُ بِاللُّؤْلُؤِ شَيْئًا، وَلَا تُعْطِ الْحِكْمَةَ مَنْ لَا يُرِيدُهَا فَإِنَّ الْحِكْمَةَ خَيْرٌ مِنْ اللُّؤْلُؤِ، وَمَنْ لَا يُرِيدُهَا شَرٌّ مِنْ الْخِنْزِيرِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: ذُلٌّ وَإِهَانَةٌ لِلْعِلْمِ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِهِ عِنْدَ مَنْ يُضَيِّعُهُ.
وَمِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ ﵁:
أَأَنْثُرُ دُرًّا بَيْنَ سَارِحَةِ النَّعَمْ ... أَأَنْظِمُ مَنْثُورًا لِرَاعِيَةِ الْغَنَمْ
إلَى أَنْ قَالَ:
فَمَنْ مَنَحَ الْجُهَّالَ عِلْمًا أَضَاعَهُ ... وَمَنْ مَنَعَ الْمُسْتَوْجِبِينَ فَقَدْ ظَلَمْ

1 / 57