Ghidhaʾ al-albāb fī sharḥ manẓūmat al-ādāb
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Publisher
مؤسسة قرطبة
Edition
الثانية
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
مصر
جَهَنَّمَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ فَإِنْ كُنْت لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاصْنَعْ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ» .
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ حَيَّانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ ﵁ «أَلَا أَبْعَثُك عَلَى مَا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ لَا تَدَعَ صُورَةً إلَّا طَمَسْتهَا، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ» .
وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ» وَفِي مُسْلِمٍ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا تَمَاثِيلُ» وَالْمُرَادُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ دُونَ الْحَافِظِينَ وَغَيْرِهِمَا، كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ وَضَّاحٍ وَالْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَالظَّاهِرُ الْعُمُومُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَطَّلِعَ اللَّهُ عَلَى عَمَلِ الْعَبْدِ وَيُسْمِعَهُمْ قَوْلَهُ وَهُمْ بِبَابِ الدَّارِ الَّذِي هُوَ فِيهَا مَثَلًا كَمَا قَالَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ.
وَالْمُرَادُ بِالصُّورَةِ الَّتِي لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ الْبَيْتَ الَّتِي هِيَ فِيهِ مَا يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ وَهُوَ مَا يَكُونُ مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي فِيهَا الرُّوحُ مَا لَمْ يُقْطَعْ رَأْسُهُ أَوْ لَمْ يُمْتَهَنْ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ. وَمِثْلُهُ الْكَلْبُ، يَعْنِي حَيْثُ لَمْ يُبَحْ اقْتِنَاؤُهُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ إنِّي وُكِّلْت بِثَلَاثَةٍ: بِمَنْ دَعَا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ، وَبِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِالْمَصُورِينَ» .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: الْعُنُقُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ أَيْ طَائِفَةٌ وَجَانِبٌ مِنْ النَّارِ.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَإِطْلَاقُ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَخْصُوصٌ بِصُوَرِ الْحَيَوَانِ دُونَ الشَّجَرِ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ، وَيَعْنِي دُونَ مَا لَيْسَ هُوَ عَلَى هَيْئَةِ ذِي رُوحٍ وَمَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ كَإِبَانَةِ رَأْسِ الصُّورَةِ. نَعَمْ لَوْ فَصَلَهَا بِنَحْوِ خَطٍّ مِمَّا يَزِيدُهَا رَوْنَقًا لَمْ تَزُلْ الْحُرْمَةُ. وَعُمُومُ نِظَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَنَاوَلُ الصُّوَرَ الَّتِي عَلَى نَحْوِ الثِّيَابِ مِنْ السُّتُورِ لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالصُّوَرِ الَّتِي عَلَى نَحْوِ الْحِيطَانِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَتْلَفَهَا بِخِلَافِ الصُّوَرِ الْمُصَوَّرَةِ عَلَى السُّتُورِ وَالثِّيَابِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْرِيقُهَا وَإِنْ كَانَ تَصْوِيرُهَا حَرَامًا.
1 / 245