208

Ghidha Albab

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Publisher

مؤسسة قرطبة

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

مصر

Genres

Sufism
وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ: حَكَى الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى رِوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي وُجُوبِ إنْكَارِ الْمُنْكَرِ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ مِنْهُ، وَصَحَّحَ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَقَدْ قِيلَ لِبَعْضِ السَّلَفِ فِي هَذَا فَقَالَ يَكُونُ لَك مَعْذِرَةً، وَهَذَا كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ أَنْكَرُوا عَلَى الْمُعْتَدِينَ فِي السَّبْتِ أَنَّهُمْ قَالُوا لِمَنْ قَالَ لَهُمْ ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٤] قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ وَرَدَ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى سُقُوطِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَبُولِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ. فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ كَيْفَ تَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥] فَقَالَ أَمَا وَاَللَّهِ لَقَدْ سَأَلْت عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ «بَلْ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْتَهُوا عَنْ الْمُنْكَرِ حَتَّى إذَا رَأَيْت شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْك بِنَفْسِك وَدَعْ عَنْك أَمْرَ الْعَوَامّ» . وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إذْ ذُكِرَتْ الْفِتْنَةُ فَقَالَ «إذَا رَأَيْتُمْ النَّاسَ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ، وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ وَكَانُوا هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. فَقُمْت فَقُلْت كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاك؟ قَالَ الْزَمْ بَيْتَك، وَامْلِكْ عَلَيْك لِسَانَك وَخُذْ بِمَا تَعْرِفُ، وَدَعْ مَا تُنْكِرُ، وَعَلَيْك بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِك، وَدَعْ عَنْك أَمْرَ الْعَامَّةِ» وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥] قَالُوا لَمْ يَأْتِ تَأْوِيلُهَا بَعْدُ، إنَّمَا تَأْوِيلُهَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ. وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْإِحْسَانِ. إذَا عَلِمْت مَا ذَكَرْت لَك فَعَلَى الْعَالِمِ بِالْحَظْرِ وَالْفِعْلِ مَعَ عَدَمِ الْقَائِمِ بِهِ غَيْرُهُ حَيْثُ أَمِنَ عَلَى مَا مَرَّ، الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ. . مَطْلَبٌ: هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ الْعَدَالَةُ؟ وَلَوْ كَانَ ذَا فِسْقٍ وَجَهْلٍ وَفِي سِوَى ... الَّذِي قِيلَ فَرْضٌ بِالْكِفَايَةِ فَاحْدُدْ (وَلَوْ كَانَ) ذَلِكَ الشَّخْصُ الْآمِرُ وَالنَّاهِي (ذَا) أَيْ صَاحِبَ (فِسْقٍ) بِأَنْ فَعَلَ كَبِيرَةً وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا أَوْ أَصَرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ، إذْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْأَمْرِ

1 / 215