118

Ghidha Albab

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Publisher

مؤسسة قرطبة

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

مصر

Genres

Sufism
مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْفُحْشِ وَذِكْرِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنْهُ: وَفُحْشٌ وَمَكْرٌ وَالْبَذَاءُ خَدِيعَةٌ ... وَسُخْرِيَةٌ وَالْهَزْوُ وَالْكَذِبُ قَيِّدْ (وَ) يَحْرُمُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (فُحْشٌ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَأَصْلُهُ كُلُّ مَا اشْتَدَّ قُبْحُهُ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي كَمَا فِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ. «وَلَمَّا قَالَتْ عَائِشَةُ لِلْيَهُودِ مَا قَالَتْ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَاحُشَ» أَرَادَ بِالْفُحْشِ التَّعَدِّيَ فِي الْقَوْلِ وَالْجَوَابِ لَا الْفُحْشَ الَّذِي هُوَ مِنْ قَذْعِ الْكَلَامِ وَرَدِيِّهِ. وَالتَّفَاحُشُ تَفَاعُلٌ مِنْهُ وَقَدْ يَكُونُ الْفُحْشُ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ وَالْكَثْرَةِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ فَقَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا فَلَا بَأْسَ. وَفِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ: الْفُحْشُ كُلُّ مَا خَرَجَ عَنْ مِقْدَارِهِ حَتَّى يُسْتَقْبَحَ وَيُذَمَّ، وَيَدْخُلُ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالصِّفَةِ، يُقَالُ طَوِيلٌ فَاحِشُ الطُّولِ إذَا أَفْرَطَ فِي طُولِهِ، لَكِنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْقَوْلِ أَكْثَرُ. وَالْمُرَادُ هُنَا بِالْفُحْشِ الْكَلَامُ الْقَبِيحُ. فَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَا عَائِشَةُ لَوْ كَانَ الْحَيَاءُ رَجُلًا كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَوْ كَانَ الْفُحْشُ رَجُلًا كَانَ رَجُلَ سُوءٍ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إلَّا شَانَهُ، وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إلَّا زَانَهُ» . وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ «أَنَّ يَهُودًا أَتَوْا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂ عَلَيْكُمْ السَّامُ وَلَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ. قَالَ مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْك بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا «اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂ وَعَلَيْكُمْ السَّامُ

1 / 125