إن المنادين بحقوق النساء في فرنسا قد سموا أنفسهم أحفاد «كوندرسيه» الفيلسوف الفرنساوي الذي دعا إلى المساواة بين الجنسين، وقد اتخذوا ذكرى وفاته في 29 مارس من كل عام عيدا يحتفلون فيه بتحرير المرأة. وفي هذا الأسبوع الأخير من شهر أبريل ذكرى وفاة زعيم النهضة النسائية في هذه الديار وأحد مؤسسي الجامعة المصرية التي تجعمنا الساعة جدرانها: قاسم أمين، فمن واجب العرفان بالجميل أن نحيي تلك الروح التي احتضنت في رحابها المرأة الحائرة، وأن نستحضر ذلك النظر الذي نفذ إلى قلب المرأة فأحبها في ضعفها وفي ضلالها، وفي تفطرها، وفي حقوقها المهضومة وفي مواهبها المنسية، وأن نتلمس تلك اليد الروحية التي خطت يوما صفحات الدفاع عن المرأة، ودلتها على طريق العمل القويم والاستقلال النفسي الذي هو دعامة كل استقلال صحيح دائم.
صاح قاسم في القوم يهديهم، ولكنه لم يفته أن تحرير المرأة في يدها أكثر منه في يد الرجل، وأن العمل ألزم الأشياء لها، وأعظم ما يكرم به الحي راحلا عزيزا هو الاهتداء برأيه والتمشي مع ما حسن من مبادئه، ولقد تغذت فتاة مصر كل هذه الأعوام بروح قاسم؛ فبرزت نبيلة ذات عزم وإقدام كما كان يصورها له المستقبل. لذلك كانت أجمل زهرة نضعها اليوم على ضريحه هي زهرة الشكران، وكانت أصدق تحية نوجهها إليه هي هذه التحية المزدوجة:
فليحيا زعيم النهضة النسائية!
ولتحيا المرأة المصرية ناهضة عاملة !
Unknown page