231

Ghāyat al-amānī fī al-radd ʿalā al-Nabhānī

غاية الأماني في الرد على النبهاني

Editor

أبو عبد الله الداني بن منير آل زهوي

Publisher

مكتبة الرشد،الرياض

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢هـ- ٢٠٠١م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

التوحيد لله، والدعوة إلى عبادته وحده، وإعلاء كلمته ودينه، وإظهار ما بعثه الله به من الهدى ودين الحق، وما صانه الله به وصان قبره من أن يتخذ مسجدًا، فإن هذا من أقوى أسباب ضلال أهل الكتاب، ولهذا لعنهم النبي ﷺ على ذلك تحذيرًا لأمته، وبيّن أن هؤلاء شرار الخلق عند الله يوم القيامة، ولما كان أصحابه أعلم الناس بدينه وأطوعهم له لم يظهر فيهم من البدع ما ظهر فيمن بعدهم لا في أمور القبور ولا في غيرها، فلا يعرف من الصحابة من كان يتعمد الكذب على رسول الله ﷺ وإن كان فيهم من له ذنوب، لكن هذا الباب مما عصمهم الله فيه من تعمد الكذب على نبيهم، وكذلك البدع الظاهرة المشهورة مثل بدعة الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة لم يعرف عن أحد من الصحابة شيء من ذلك، بل النقول الثابتة عنهم تدل على موافقتهم للكتاب والسنة، وكذلك اجتماع رجال الغيب بهم أو الخضر أو غيره، وكذلك مجيء الأنبياء إليهم في اليقظة وحمل من يحمل منهم إلى عرفات ونحو ذلك مما وقع فيه كثير من العباد وظنوا أنه كرامة من الله وكان من إضلال الشياطين لهم، لم تطمع الشياطين أن توقع الصحابة في مثل هذا، فإنهم كانوا يعلمون أن هذا كله من الشيطان. ورجال الغيب هم الجن، قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ ١.
وكذلك الشرك بأهل القبور لم يطمع الشيطان أن يوقعهم فيه فلم يكن على عهدهم في الإسلام قبر نبي يسافر إليه، ولا يقصد للدعاء عنده أو لطلب بركته أو شفاعته أو غير ذلك، بل أفضل الخلق محمد خاتم الرسل صلوات الله وسلامه عليه وقبره عندهم محجوب لا يقصده أحد منهم لشيء من ذلك، وكذلك كان التابعون لهم بإحسان، ومن بعدهم من أئمة المسلمين، وإنما تكلم العلماء والسلف في الدعاء للرسول ﷺ عند قبره؛ منهم من نهى عن الوقوف للدعاء دون السلام عليه، ومنهم من رخص في هذا وهذا، ومنهم من نهى عن هذا وهذا، وأما دعاؤه هو وطلب استغفاره وشفاعته بعد موته فهذا لم ينقل عن أحد من أئمة المسلمين لا من الأئمة الأربعة ولا غيرهم، بل الأدعية التي ذكروها خالية عن ذلك.

١ سورة الجن: ٦.

1 / 236