المخالف للرسول في هذه المسألة يكفر؛ فالذي خالف سنته وإجماع الصحابة وعلماء أمته فهو الكافر. ونحن لا نكفر أحدًا من المسلمين بالخطأ لا في هذه المسائل ولا في غيرها، ولكن إن قدر تكفير المخطىء فمن خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والعلماء أولى بالكفر ممن وافق الكتاب والسنة والصحابة وسلف الأمة وأئمتها. فأئمة المسلمين فرقوا بين ما أمر به النبي ﷺ وبين ما نهى عنه في هذا وغيره، فما أمر به هو عبادة وطاعة وقربة، وما نهى عنه بخلاف ذلك، بل قد يكون شركًا، كما يفعله أهل الضلال من المشركين وأهل الكتاب ومن ضاهاهم؛ حيث يتخذون المساجد على قبور الأنبياء والصالحين، ويصلّون إليها، وينذرون لها، ويحجون لها، بل قد يجعلون الحج إلى بيت المخلوق أفضل من الحج إلى بيت الله الحرام، ويسمون ذلك الحج الأكبر، وصنّف لهم شيوخهم في ذلك مصنفات، كما صنف المفيد ابن النعمان كتابًا في مناسك المشاهد، سماه (مناسك حج المشاهد) وشبه بيت المخلوق ببيت الخالق.
وأصل دين الإسلام؛ أن تعبد الله وحده، ولا نجعل له من خلقه ندًا ولا كفوًا ولا سميا، قال تعالى: ﴿فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ ١ وقال: وقال: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ ٢. وقال: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ٣. وقال: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾ ٤.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال: قلتُ يا رسول الله: أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله ندًا وهو خلقك" قلت: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك خشيه أن يطعم معك" قلت: ثم أي؟ قال: "أن تُزَاني بحليلة جارك" ٥ وقال تعالى: