165

Ghayat Amani

غاية الأماني في الرد على النبهاني

Investigator

أبو عبد الله الداني بن منير آل زهوي

Publisher

مكتبة الرشد،الرياض

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢هـ- ٢٠٠١م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

وبيان هذا؛ أن المقتضى قسمان: مقتضى لا يتخلف عنه موجبه ومقتضاه، لقصوره في نفسه عن التمام، أو لفوات شرط اقتضائه، أو قيام مانع منع تأثيره، فإن أريد بكون العلم مقتضيًا للاهتداء والاقتضاء التام الذي لا يتخلف عنه أثره بل يلزمه الاهتداء بالفعل؛ فالصواب قول الطائفة الثانية، وأنه لا يلزم من العلم حصول الاهتداء المطلوب. وإن أريد بكونه موجبًا أنه صالح للاهتداء مقتض له وقد يتخلف عنه مقتضاه لقصوره أو فوات شرط أو قيام مانع؛ فالصواب قول الطائفة الأولى. قال: وتفصيل هذه الجملة أن العلم بكون الشيء سببا لمصلحة العبد ولذاته وسروره، قد يتخلف عنه عمله بمقتضاه لأسباب عديدة. السبب الأول: ضعف معرفته بذلك. السبب الثاني: عدم الأهلية، وقد تكون معرفته به تامة، لكن يكون مشروطًا بزكاة المحل وقبوله للتزكية، فإذا كان المحل غير زكي ولا قابل للتزكية كان كالأرض الصلدة التي لا يخالطها الماء، فإنه يمتنع النبات منها لعدم أهليتها وقبولها، فإذا كان القلب قاسيًا حجريًا لا يقبل تزكية ولا تؤثر فيه النصائح لم ينتفع بكل علم يعلمه، كما لا تنبت الأرض الصلبة ولو أصابها كل مطر وبذر فيها كل بذر، كما قال تعالى في هذا الصنف من الناس: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ ١ وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ ٢ وقال تعالى: ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ﴾ ٣ وهذا في القرآن كثير. فإذا كان القلب قاسيًا غليظًا جافيًا لا يعمل فيه العلم شيئًا، وكذلك إذا كان مريضًا مهينًا مائيًا لا صلابة

١ سورة يونس: ٩٦- ٩٧. ٢ سورة الأنعام: ١١١. ٣ سورة يونس: ١٠١.

1 / 170