أكدوا به شهادتهم سواء بسواء، وزاد التصريح باللقب الشنيع والعلم البشيع الفظيع، وبهذا تعلم أن مُسمّى الإيمان لا بد فيه من الصدق والعمل، ومن شهد أن لا إله إلا الله وعبد غيره فلا شهادة له وإن صلّى وزكّى وصام وأتى بشيء من أعمال الإسلام، قال تعالى لمن آمن ببعض الكتاب ورد بعضًا: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ ١ الآية، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ ٢ الآية، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ ٣ الآية.
والكفر نوعان؛ مطلق ومقيد، فالمطلق: أن يكفر بجميع ما جاء به الرسول، والمقيد: أن يكفر ببعض ما جاء به الرسول. حتى أن بعض العلماء كفّر من أنكر فرعًا مجمعًا عليه- كتوريث الجد والأخت- وإن صلى وصام، فكيف بمن يدعو الصالحين، ويصرف لهم خالص العبادة ولبّها، وهذا مذكور في المختصرات من كتب المذاهب الأربعة، بل كفروا ببعض الألفاظ التي تجري على ألسن بعض الجهال، وإن صلّى وصام من جرت على لسانه.
قال ﵀: والصحابة كفّروا من منع الزكاة وقاتلوهم مع إقرارهم بالشهادتين، والإتيان بالصلاة والصوم والحج.
قال ﵀: واجتمعت الأمة على كفر بني عبيد القداح مع أنهم يتكلمون بالشهادتين ويصلّون ويبنون المساجد في قاهرة مصر وغيرها.
وذكر ابن الجوزي أنه صنف كتابًا في وجوب غزوهم وقتالهم، سماه (النصر على مصر) قال: وهذا يعرفه من له أدنى إلمام بشيء من العلم والدين، فتشبيه عباد القبور بأنهم يُصَلّون ويصومون ويؤمنون بالبعث مجرد تعمية على العوام