34

Ghayat al-Murid

غاية المريد شرح كتاب التوحيد

Publisher

مركز النخب العلمية

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٧ م

Publisher Location

مطبعة معالم الهدى للنشر والتوزيع.

Genres

وقولِ الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]. •---------------------------------• في هذه الآية جاء الاستثناء بعد النفي؛ وذلك يفيد القصر والحصر، واللام في قوله: ﴿لِيَعْبُدُونِ﴾ هي لام التعليل وتسمى (لام الحكمة)، والمعنى: أن الحكمة من خلق الله للجن والإنس، هي عبادته سبحانه، وليست الحكمة من خلقهم نفع الله؛ ولهذا قال سبحانه في الآية التي بعدها: ﴿مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾ [الذاريات: ٥٧]. وقد ذكر المفسرون في معنى هذه الآية تسعة أقوال، أصحها ما ذكره الشنقيطي ﵀ بقوله: «التحقيق إن شاء الله في معنى هذه الآية الكريمة ﴿إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، أي: إلا لآمرهم بعبادتي وأبتليهم أي أختبرهم بالتكاليف ثم أجازيهم على أعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشرٌّ» - وذكر الآيات الدالة على ذلك، ومنها قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك: ٢]- ثم قال: «فتصريحه جل وعلا في هذه الآيات المذكورة بأن حكمة خلقه للخلق، هي ابتلاؤهم أيهم أحسن عملًا، يفسر قوله: ﴿لِيَعْبُدُونِ﴾ وخير ما يفسر به القرآن: القرآن» (١). والعبادة لغة: الطاعة مع الخضوع والتَّذلُّل، ومنه طريق مُعَبَّدٌ أي: مذلل بالأقدام (٢). وقد عرف العلماء العبادة في الشرع بتعريفات كثيرة، من أحسنها وأشملها، تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية لها، حيث قال: «العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال، الباطنة والظاهرة» (٣).

(١) أضواء البيان (٧/ ٤٤٥ و٤٤٦). (٢) ينظر: الصحاح للجوهري (٢/ ٥٠٣)، ومجمل اللغة ص (٦٤٢)، ولسان العرب (٣/ ٢٧٣). (٣) العبودية لابن تيمية ص (٣).

1 / 38