وما لبثت أنغام الموسيقى أن ارتفعت فمنعت السيدتين من استئناف المناقشة؛ إذ لم تسمعا بعد ذلك غير أصوات الضجيج.
مقابلة سان دييجو
كانت الموسيقى تعزف نشيد: «يحفظ الله الملك!» النشيد الإنجليزي الوطني، ولم تكن الآلات العازفة خشبية، وإنما كانت آلات نحاسية، ولم يكن لقب بيسي واليس هو وارفيلد بعد ، وإنما أصبح سبنسر، ولم تكن في الثامنة عشرة من عمرها، وإنما كانت في الرابعة والعشرين.
منذ 8 نوفمبر من عام 1916 كانت بيسي قد أصبحت زوجة ملازم الطيران البحري المدعو وينفيلد سبنسر، ونحن اليوم في يوم 7 أبريل من عام 1920، وكانت محطة سان دييجو البحرية تستعد لزيارة ولي عهد إنجلترا؛ البرنس أوف ويلز أو الأمير إدوارد.
كانت قلوب الفتيات في سان دييجو تدق بشدة من أسبوع كامل، من أفقر الفقيرات إلى أغنى صاحبات الثروات، وكانت كل واحدة منهن تتصور في أحلامها أنها قد تكون السعيدة التي تستلفت نظر الأمير الفاتن في أثناء زيارته، أولم يرد في القصص الخيالية أن الأمراء قد يتزوجون من بنات الرعاة؟
كانت السيدة بيسي سبنسر تسخر من صديقاتها الصغيرات، وتسخر من أحلامهن البعيدة التحقيق، حتى لقد قالت لهن مرة: ولكن الحياة ليست خيالا أو خرافة.
وردت عليها إحداهن بحياء فقالت لها: إنك أنت نفسك قطعة من الخيال!
وكان هذا حقيقيا! فقد كان مظهر بيسي يدل على أنها تتحدى الجمال، وكانت تبدو جميلة في كل الأثواب، أثواب الصباح أو أثواب المساء. رشاقة! سحر! وعينان جميلتان! وغدائر سوداء! لم يكن ينقصها شيء، حتى «أجمل صوت في العالم!» كان الناس يعتبرون زوجة سبنسر ملكة سان دييجو التي لا ينازعها في ملكها منازع، ولكن لم تكن ملكيتها تؤثر على الملوك بعد؛ إذ إنه في اليوم المحدد لم يقف الأمير الشاب أمامها في حفلة الاستقبال أكثر مما وقف أمام غيرها.
لحظة واحدة تقابلت فيها نظرات العينين الرماديتين بنظرات العينين الخضراوين، ولحظة واحدة انحنى فيها الرأس ذو الشعر الأصفر أمام الرأس ذي الشعر الأسود، لحظة واحدة.
ومع ذلك فقد كانت هذه اللحظة الواحدة تميز المقابلة الأولى بين ذلك الرجل الذي قدر له أن يرتقي عرش إنجلترا باسم إدوارد الثامن، وبين المرأة التي قدر لها أن تصبح صديقته.
Unknown page