Gharaib Quran
غرائب القرآن و رغائب الفرقان
** ثم كل هؤلاء في مقابلة الملائكة الذين يحومون حول العرش
كالقطرة في البحر ولا يعرف عددهم إلا الله ، ثم مع هؤلاء ملائكة اللوح الذين هم أشياع إسرافيل
** والملائكة الذين هم جنود جبريل وهم كلهم سامعون مطيعون لا
يستكبرون عن عبادته ولا يسأمون
ثمانية ) [الحاقة : 17] ومنهم أكابر الملائكة جبرائيل صاحب الوحي والعلم ، وميكائيل صاحب الرزق والغذاء ، وإسرافيل صاحب الصور ، وعزرائيل ملك الموت ، ومنهم ملائكة الجنة ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ) [الرعد : 23] ومنهم ملائكة النار ( عليها تسعة عشر ) [المدثر : 30] ومنهم لموكلون ببني آدم عن اليمين وعن الشمال قعيد. ومنهم الموكلون بأحوال هذا العالم ( والصافات صفا ) [الصافات : 1] وأما أوصافهم فكما قال أمير المؤمنين علي رضياللهعنه : منهم سجود لا يركعون ، وركوع لا ينتصبون ، وصافون لا يتزايلون ، ومسبحون لا يسأمون ، لا يغشاهم نوم العيون ولا سهو العقول ولا فترة الأبدان ولا غفلة النسيان ، ومنهم أمناء على وحيه وألسنة إلى رسله ومختلفون بقضائه وأمره. منهم الحفظة لعباده والسدنة لأبواب جنانه ، ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم ، والمارقة من السماء العليا أعناقهم ، والخارجة من الأقطار ركانهم ، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم ، ناكسة دونه أبصارهم ، متلفعون بأجنحتهم ، مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزة وأستار القدرة ، لا يتوهمون ربهم بالتصوير ولا يجرون عليه صفات المصنوعين ، ولا يحدونه بالأماكن ولا يشيرون إليه بالنظائر. ثم إنه روى الضحاك عن ابن عباس أنه سبحانه إنما قال هذا القول للملائكة الذين كانوا محاربين مع إبليس ، لأن الله تعالى لما أسكن الجن الأرض فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وقتل بعضهم بعضا ، بعث الله إبليس في جند من الملائكة فأخرجوهم من الأرض وألحقوهم بجزائر البحر ، فقال تعالى لهم ( إني جاعل في الأرض خليفة ) وقال الأكثرون من الصحابة والتابعين : إنه تعالى قال ذلك لجماعة الملائكة من غير تخصيص ، لأن لفظ الملائكة يفيد العموم والتخصيص خلاف الأصل.
و ( جاعل ) من جعل الذي له مفعولان ، معناه مصير في الأرض خليفة ، وإنما لم يقل إني خالق كما قال ( إني خالق بشرا من طين ) لأنه باعتبار الخلافة من عالم الأمر لا من عالم الخلق. والظاهر أن الأرض يراد بها ما بين الخافقين ، وقد يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الأرض هاهنا أرض مكة التي دحيت الأرض من تحتها. والخليفة من يخلف غيره ويقوم مقامه ، والخليفة اسم يصلح للواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، وجمعه خلائف مثل :
Page 215