167

Ghamz ʿuyūn al-baṣāʾir sharḥ kitāb al-ashbāh waʾl-naẓāʾir (Li-Zayn al-ʿĀbidīn Ibn Nujaym al-Miṣrī)

غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م

وَأَمَّا الْعَزْمُ فَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ ٣٨٦ - وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ الْهَمِّ الْمَرْفُوعِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ: هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ لَا يَأْثَمُ إنْ لَمْ يُصَمِّمْ عَزَمَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَزَمَ يَأْثَمُ إثْمَ الْعَزْمِ لَا إثْمَ الْعَمَلِ بِالْجَوَارِحِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرًا يَتِمُّ بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ كَالْكُفْرِ.
الْعَاشِرُ فِي شُرُوطِ النِّيَّةِ الْأَوَّلُ الْإِسْلَامُ؛ وَلِذَا لَمْ تَصِحَّ الْعِبَادَاتُ مِنْ كَافِرٍ، صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ (فَلَغَا تَيَمُّمُ كَافِرٍ لَا وُضُوءُهُ)؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطُ التَّيَمُّمِ دُونَ الْوُضُوءِ فَيَصِحُّ وُضُوءُهُ وَغُسْلُهُ فَإِذَا أَسْلَمَ بَعْدَهُمَا صَلَّى بِهِمَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ النَّفْسِ مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ، أَوْ تَعْمَلْ لَيْسَ لَهُ مَفْهُومٌ، حَتَّى يُقَالَ: إنَّهَا إذَا تَكَلَّمَتْ، أَوْ عَمِلَتْ يُكْتَبُ عَلَيْهَا حَدِيثُ النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْهَمُّ لَا يُكْتَبُ فَحَدِيثُ النَّفْسِ أَوْلَى (انْتَهَى) . يُخَالِفُهُ مَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، فَقَالَ: إنَّهُ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِ ﵇: أَوْ تَعْمَلْ وَلَمْ يَقُلْ: تَعْمَلْهُ، قَالَ: فَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِتَحْرِيمِ الْمَشْيِ إلَى مَعْصِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْيُ فِي نَفْسِهِ مُبَاحًا، لَكِنْ لِانْضِمَامِ قَصْدِ الْحَرَامِ إلَيْهِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَشْيِ، وَالْقَصْدِ لَا يُحَرَّمُ عِنْدَ انْفِرَادِهِ أَمَّا إذَا اجْتَمَعَا فَإِنَّ مَعَ الْهَمِّ عَمَلًا لِمَا هُوَ مِنْ أَسْبَابِ الْهُمُومِ آيَةً، فَاقْتَضَى إطْلَاقًا، أَوْ تَعْمَلُ الْمُؤَاخَذَةَ فَاشْدُدْ بِهَذِهِ الْفَائِدَةِ يَدَيْك وَاِتَّخِذْهُ أَصْلًا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَيْك (انْتَهَى) . وَرَجَّحَهُ وَلَدُهُ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ أَخْذًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ.
(٣٨٥) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَزْمُ فَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ، أَقُولُ: مِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْمُلْتَقَطِ: إنْ تَرَكْتُ شُرْبَ الشَّرَابِ أَبَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهُوَ يَعْزِمُ عَلَى شُرْبِهَا وَلَا يَشْرَبُهَا أَبَدًا لَا يَحْنَثُ انْتَهَى.
يَعْنِي؛ لِأَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الشُّرْبِ كَالشُّرْبِ، وَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى تَرْكِ الشُّرْبِ فَلَا يَحْنَثُ حَيْثُ عَزَمَ عَلَى الشُّرْبِ وَيَأْثَمُ عَلَى عَزْمِهِ عَلَى الشُّرْبِ.
(٣٨٦) قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ الْهَمِّ إلَخْ. هَذَا كَلَامُ السُّبْكِيّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: وَرُبَّمَا تَمَسَّكَ هَذَا الْبَعْضُ بِقَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ: هَمَّ بِالشَّيْءِ عَزَمَ عَلَيْهِ، وَالتَّمَسُّكُ بِهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ اللُّغَوِيَّ لَا يَتَنَزَّلُ إلَى هَذِهِ الدَّقَائِقِ، وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِحَدِيثِ «إذَا

1 / 175