46

General Trends of Ijtihad and the Status of Correct Ahad Hadith in Them

الاتجاهات العامة للاجتهاد ومكانة الحديث الآحادي الصحيح فيها

Publisher

دار المكتبي للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ٢٠٠٠ م

Publisher Location

دمشق

Genres

واستدلوا بأدلة عديدة تدور كلها حول نقطة واحدة هي أن كل راو من رواة الخبر الآحادي غير معصوم عن الكذب، ولا عن الخطأ فيحتمل أن يكون هناك كذب في الحديث أو خطأ، فلا يجوز أن يكون مصدرًا في الشرع، وأوردوا بناء على ذلك استدلالات من القرآن الكريم يشدون بها مذهبهم. وقد عرض أعلام أصول الفقه أدلتهم على بساط البحث، وناقشوها مناقشة علمية موضوعة دقيقة، أعرض للقاريء هذه الأدلة من كلام للإمام السرخسي الحنفي لما امتاز به عرضه من الاستكثار لهم من الأدلة مع الوضوح. قال الإمام السرخسي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: «استدلوا بقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء: ٣٦]. وإذا كان خبر الواحد لا يوجب العلم لم يجز اتباعه والعمل به بهذا الظاهر، وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ﴾ [النساء: ١٧١]. وخبر الواحد إذا لم يكن معصومًا عن الكذب محتمل للكذب والغلط، فلا يكون حَقًّا على الإطلاق، ولا يجوز القول بإيجاب العمل به في الدين. وقال تعالى: ﴿إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف: ٨٦]. وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ [النجم: ٢٨]. ومعنى الصدق في خبر الواحد غير ثابت إلا بطريق الظن، ولأن خبر الواحد محتمل للصدق والكذب، والنص الذي هو محتمل لا يكون مُوجِبًا لِلْعَمَلِ بِنَفْسِهِ مع أن كل واحد من المحتملين فيه يجوز أن يكون شَرْعًا، فلأن لا يجوز العمل بما هو محتمل للكذب باطل أصلًا كان أولى» انتهى.

1 / 47