Rawdat al-ʿĀbidīn
روضة العابدين
Publisher
مكتبة الجيل الجديد
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Publisher Location
صنعاء - اليمن
Genres
قال المُناوي: " قال العسكري: لو فكر البلغاء في هذا اللفظ لعلموا أنّ المصطفى أوفى بهذا القليل على كل ما قيل في الموت نظمًا ونثرًا، قال الغزالي: وللعارف في ذكره-أي: الموت- فائدتان: النفرة عن الدنيا، والثانية: الشوق إلى لقاء الله، ولا يصير إلى إقبال الخلق على الدنيا إلا قلة التفكر في الموت" (^١).
وعن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (استحيوا من الله حق الحياء) قال: قلنا: يا نبي الله، إنا لنستحي، والحمد لله، قال: (ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء) (^٢).
وقال رسول الله ﷺ: (أفضل المؤمنين أحسنهم خلقًا، وأكيسهم-يعني: أعقلهم- أكثرهم للموت ذكرًا، وأحسنهم له استعدادًا، أولئك الأكياس) (^٣).
"قال الحسن: إن الموت قد فضح الدنيا فلم يدع لذي لب بها فرحًا، وقال مطرف: إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فالتمسوا نعيمًا لا موت فيه، وقال يونس بن عبيد: ما ترك ذكر الموت لنا قرة عين في أهل ولا مال" (^٤).
فيا عجبًا لغافل عن تذكر الموت، وأسبابُ الموت تطرق بابه، وخُطاه تقترب من لقائه، ورصيد عمره على وشك النفاد، والاقترابِ من مفارقة الحياة!
قال ابن الجوزي: "إني أعجب من عاقل يرى استيلاء الموت على أقرانه وجيرانه كيف يطيب عيشه، خصوصًا إذا علت سنه؟!. واعجبًا لمن يرى الأفاعي تدب إليه وهو لا
(^١) التيسير بشرح الجامع الصغير - للمناوي (١/ ٤٠٣).
(^٢) رواه أحمد (٦/ ١٨٧)، والترمذي (٤/ ٦٣٧)، والحاكم (٤/ ٣٥٩)، وهو حسن.
(^٣) رواه ابن ماجه (٢/ ١٤٢٣)، والبيهقي في الزهد الكبير (٥٢/ ٢)، وهو حسن.
(^٤) لطائف المعارف، لابن رجب (ص: ٢٧).
1 / 377