195

Garden of the Devout

روضة العابدين

Publisher

مكتبة الجيل الجديد

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

Publisher Location

صنعاء - اليمن

Genres

عنها كان عليه أثرها من الاستقامة والخشوع، والانقياد والخضوع، وبدت عليه أنوارها الحسية والمعنوية، فهي على وجهه نور يتلألأ، وعلى معاملته ضياء يشرق بين الناس. إن من كانت الصلاة له حياة فإنه يراها قرة عينه، وراحة نفسه التي لا يريد مفارقتها. قال رسول الله ﷺ: (وجُعلت قرة عيني في الصلاة) (^١). قال ابن حجر في فوائد حديث الولي عند قوله تعالى: (وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ) (^٢): " وفي الحديث عظم قدر الصلاة؛ فإنه ينشأ عنها محبة الله للعبد الذي يتقرب بها، وذلك لأنها محل المناجاة والقربة، ولا واسطة فيها بين العبد وربه، ولا شيء أقر لعين العبد منها؛ ولهذا جاء في حديث أنس المرفوع: " وجعلت قرة عيني في الصلاة " أخرجه النسائي وغيره بسند صحيح، ومن كانت قرة عينه في شيء فإنه يود أن لا يفارقه ولا يخرج منه؛ لأن فيه نعيمه وبه تطيب حياته، وإنما يحصل ذلك للعابد بالمصابرة على النَّصَب؛ فإن السالك غرض الآفات والفتور" (^٣). وقال رسول الله ﷺ: (يا بلال، أقم الصلاة، أرحنا بها) (^٤). " أي: نستريح بأدائها من شغل القلب بها، وقيل: كان اشتغاله بالصلاة راحة له؛ فإنه كان يعد غيرها من الأعمال الدنيوية تعبًا فكان يستريح بالصلاة؛ لما فيها من مناجاة الله تعالى؛ ولهذا قال: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) وما أقرب الراحة من قرة العين! " (^٥). قال ابن القيم: " فإن الصلاة إنما تكفر سيئات من أدى حقها وأكمل خشوعها، ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقابله، فهذا إذا انصرف منها وجد خفة من نفسه، وأحس

(^١) رواه النسائي (٧/ ٦١)، والبيهقي، السنن الكبرى (٧/ ٧٨)، وهو صحيح. (^٢) رواه البخاري (٥/ ٢٣٨٤). (^٣) فتح الباري لابن حجر (١٨/ ٣٤٢). (^٤) رواه أحمد (٣٨/ ١٧٨)، وأبو داود (٤/ ٤٥٣)، وهو صحيح. (^٥) عون المعبود، للعظيم آبادي (١٣/ ٢٢٥).

1 / 199