الله الخلواتِ الخلوات، البواطنَ البواطن، النياتِ النيات؛ فإن عليكم من الله عينًا ناظرة. وإياكم والاغترار بحلمه وكرمه؛ فكم قد استدرج. وكونوا على مراقبة الخطايا مجتهدين في محوها، وما شيء ينفع كالتضرع مع الحمية عن الخطايا.
وهذا فصل إذا تأمله المعامل لله تعالى نفعه. ولقد قال بعض المراقبين لله تعالى: قدرت على لذة وليست بكبيرة، فنازعتني نفسي إليها؛ اعتمادًا على صغرها، وعظم فضل الله تعالى وكرمه، فقلت لنفسي: إن غلبتَ هذه فأنتَ أنت، وإذا أتيتَ هذه فمن أنت؟ وذكّرتها حالةَ أقوام كانوا يفسحون لأنفسهم في المسامحة كيف انطوت أذكارهم، وتمكن الإعراض عنهم، فارعوتْ، ورجعت عما همت به" (^١).
سادسًا: الدعاء. فيدعو العبد ربَّه ﷾ بأن يجعله من أهل خشيته ومراقبته.
ثمرات مراقبة الله تعالى:
لاشك أن مراقبة العبد ربَّه في قوله وعمله وظاهره وباطنه ستنيله آثارًا حسنة، وثمرات طيبة في دنياه وآخرته، فمن ذلك:
أولًا: نيل خيرات الدنيا. كعظم القدر في القلوب وحب الناس وحسن ثنائهم، وهذا من ثواب الحسنة العاجل.
قال ابن الجوزي: "إخواني، اسمعوا نصيحة من جرب وخَبِر: إنه بقدر إجلالكم لله ﷿ وتعظيمكم له يجلكم، وبمقدار تعظيم قدره واحترامه يعظم أقداركم وحرمتكم. ولقد رأيت والله من أنفق عمره في العلم إلى أن كبرتْ سِنُّه ثم تعدى بعض الحدود فهان عند الخلق، وكانوا لا يلتفتون إليه مع غزارة علمه وقوة مجاهدته. ولقد رأيت من كان يراقب الله ﷿ في صبوته مع قصوره بالإضافة إلى ذلك العالم، فعظّم الله