لأجل ما حال الله به من الخندق بينه وبينهم، إلا أن فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ود العامري وجماعة معه أقبلوا نحو الخندق، فلما وقفوا عليه قالوا: إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تعرفها، ثم يمموا مكانًا ضيقًا من الخندق فاقتحموه وجازوه، وجالت بهم خيلهم في السبخة بين الخندق وسلع ودعوا للبراز، فانتدب لعمرو بن عبد ود علي بن أبي طالب ﵁ فبارزه فقتله الله على يديه وكان عمرو لا يجاري في الجاهلية شجاعة، وكان شيخًا قد جاوز المائة يومئذ، وأما الباقون فينطلقون راجعين إلى قومهم من حيث جاؤوا، وكان هذا أول ما فتح الله
به من خذلانهم.
وكان شعار المسلمين تلك الغزوة (حم، لا ينصرون (..
ولما طال هذا الحال على المسلمين أراد رسول الله ﷺ أن يصالح عيينة بن حصن والحارث بن عوف رئيسي غطفان، على ثلث ثمار المدينة وينصرفا بقومهما، وجرت المراوضة على ذلك ولم يتم الأمر حتى استشار ﷺ السعدين في ذلك فقالا: يا رسول الله إن كان الله أمرك بهذا فسمعًا وطاعة وإن كان شيئًا تصنعه لنا فلقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى أو بيعًا، فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا؟ والله لا نعطيهم إلا السيف.
فقال ﷺ: (إ نما هو شيء أصنعه لكم (وصوب رأيهما في ذلك ﵄، ولم يفعل من ذلك شيئًا.
ثم إن الله سبحانه وله الحمد صنع أمرًا من عنده خذل به بينهم وفل جموعهم، وذلك أن نعيم بن مسعود بن عامر الغطفاني ﵁ جاء إلى رسول الله