92

Fusul Fi Usul

الفصول في الأصول

Publisher

وزارة الأوقاف الكويتية

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

الكويت

مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ﴾ [الحجر: ٦٥] فَلَمْ يَسْتَثْنِ امْرَأَتَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِك بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إلَّا امْرَأَتَك﴾ [هود: ٨١] فَأَظْهَرَ الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، ثُمَّ لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُ اللَّفْظَيْنِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَثْنًى مِنْهُ الْمَرْأَةُ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَتْ مَذْكُورَةً فِي أَحَدِهِمَا غَيْرَ مَذْكُورَةٍ فِي الْآخَرِ. وَنَحْوُ قَوْله تَعَالَى ﴿إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ [الأنبياء: ٩٨] وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْمَسِيحَ وَعُزَيْرًا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا (أَجْمَعِينَ) فَأَنْزَلَ الْآيَةَ مُطْلَقَةً اكْتِفَاءً بِالدَّلَالَةِ الَّتِي أَقَامَهَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُهُمَا (فِي الْآخِرَةِ)، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ بِاللَّفْظِ، فَلَمَّا قَالَ الْمُشْرِكُونَ هَذَا الْمَسِيحُ وَالْعُزَيْرُ قَدْ عُبِدَا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠١] ثُمَّ لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُ اللَّفْظِ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَقَبْلَهَا. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَلَالَةَ التَّخْصِيصِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُ اللَّفْظِ فِيهِمَا فِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي مَوْضِعِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِلَفْظِ عُمُومٍ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هَذَا الْقَوْلُ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْمَجَازِ وَالِاتِّسَاعِ فِي اللُّغَةِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ قِيَامُ الدَّلَالَةِ عَلَى كَوْنِهِ مَجَازًا بِمَنْزِلَةِ الْمَذْكُورِ مَعَهُ وَيَكُونُ قَوْله تَعَالَى ﴿إنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ

1 / 139