Al-Fuṣūl fī al-uṣūl
الفصول في الأصول
Publisher
وزارة الأوقاف الكويتية
Edition Number
الثانية
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
الكويت
Genres
Jurisprudence
قِيلَ لَهُ: لَيْسَ وُقُوعُ عِلْمِ الضَّرُورَةِ بِمُرَادِ الْقَائِلِ مَوْقُوفًا عَلَى التَّأْكِيدِ إذْ قَدْ يَقَعُ ذَلِكَ لَهُ مَعَ وُجُودِ التَّأْكِيدِ تَارَةً وَمَعَ عَدَمِهِ أُخْرَى عَلَى حَسَبِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ. وَقَدْ لَا يَقَعُ لَهُ الْعِلْمُ مَعَ وُجُودِ التَّأْكِيدِ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُؤَدِّيَ بِاللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ إلَى غَيْرِهِ مُلْغِزًا فِي كَلَامِهِ. وَأَيْضًا: لَوْ كَانَ وُقُوعُ الْعِلْمِ بِمُرَادِ الْمُخَاطَبِ مَقْصُورًا عَلَى مَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ لَمَا جَازَ أَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ مِنْ الْمُطْلِقِينَ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُكَلَّفِينَ لَا يَعْلَمُ (كَلَامَ) اللَّهِ تَعَالَى اضْطِرَارًا وَإِنَّمَا يَعْلَمُهُ بِاسْتِدْلَالٍ وَاكْتِسَابٍ فَكَيْفَ يَجُوزُ وُقُوعُ (الْعِلْمِ) بِمُرَادِهِ فِي خِطَابِهِ مِنْ جِهَةِ الضَّرُورَةِ. فَلَمَّا كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا كَثِيرًا مِنْ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّرُورَةِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى بُطْلَانِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَا يَخْلُو وُقُوعُ الْعِلْمِ بِالْعُمُومِ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْمَعْنَى أَوْ بِمُعَيَّنٍ يُقَارِنُ اللَّفْظَ أَوْ بِهِمَا جَمِيعًا فَإِنْ كَانَ مَعْنَى غَيْرِ اللَّفْظِ أَوْ بِهِمَا فَقَدْ خَرَجَ اللَّفْظُ مِنْ أَنْ يَكُونَ دَالًّا بِنَفْسِهِ، وَفِي ذَلِكَ بُطْلَانُ أَصْلِكُمْ إنْ كَانَ وُقُوعُ الْعِلْمِ بِهِ بِنَفْسِ اللَّفْظِ، وَاللَّفْظُ مَسْمُوعٌ مَحْسُوسٌ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَشْتَرِكَ السَّامِعُونَ لَهُ فِي وُقُوعِ الْعِلْمِ بِصِحَّةِ الْعُمُومِ لِأَنَّ الْمَحْسُوسَاتِ لَا يَقَعُ فِيهَا خِلَافٌ كَالْمَلْمُوسِ وَالْمَذُوقِ وَالْمَشْمُومِ وَالْمَرْئِيِّ فَلَمَّا وَجَدْنَا كَثِيرًا مِنْ سَامِعِي اللَّفْظِ نَافِينَ لِلْقَوْلِ بِالْعُمُومِ عَلِمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ مِنْ اللَّفْظِ. قِيلَ لَهُ: أَمَّا الصَّوْتُ فَهُوَ مَسْمُوعٌ مَحْسُوسٌ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْعُمُومِ أَوْ
1 / 126