241

Al-Fuṣūl fī al-uṣūl

الفصول في الأصول

Publisher

وزارة الأوقاف الكويتية

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

الكويت

وَرَسُولِهِ وَاَللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٨٠] فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ ﷺ " لَأَزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينَ " هَذَا مَا لَا يَجُوزُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يَقُولَهُ وَلَا يُجَوِّزَهُ؛ لِأَنَّهُ ﷺ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا لَا يَجُوزُ.
وَإِنَّمَا الَّذِي رُوِيَ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «فَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ يَغْفِرُ لَهُمْ إذَا زِدْت عَلَى السَّبْعِينَ لَزِدْتُ» وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَدَلِّ شَيْءٍ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ السَّبْعِينَ وَمَا فَوْقَهَا سَوَاءٌ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ لِيَغْفِرَ لَهُمْ أَبَدًا بَعْدَ مَوْتِهِمْ كُفَّارًا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ إبْرَاهِيمَ ﵇ أَنَّهُ قَالَ ﴿وَاغْفِرْ لِأَبِي إنَّهُ كَانَ مِنْ الضَّالِّينَ﴾ [الشعراء: ٨٦] فَلَيْسَ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ كَانَ يُجِيزُ ذَلِكَ إلَى أَنْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَعِيدَ الْكُفَّارِ. قِيلَ لَهُ: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَ اسْتِغْفَارِ إبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة: ١١٤] وَرُوِيَ أَنَّ أَبَاهُ قَدْ كَانَ أَظْهَرَ لَهُ الْإِيمَانَ (فَاسْتَغْفَرَ لَهُ) فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ مُنَافِقٌ لَيْسَتْ لَهُ عَقِيدَةُ الْإِيمَانِ فَتَبَرَّأَ مِنْهُ حِينَئِذٍ. وَأَمَّا وَعِيدُ الْكَافِرِ بِالنَّارِ خَالِدًا مُخَلَّدًا (فِيهِ) فَقَدْ كَانَ مِنْ دِينِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ أَوَّلِ مَا بُعِثَ فَيَسْتَحِيلُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُجِيزَ النَّبِيُّ ﷺ الْغُفْرَانَ لَهُمْ بِزِيَادَةِ الِاسْتِغْفَارِ عَلَى السَّبْعِينَ وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّ مَا قَالُوهُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى مَوْضِعِ الْخِلَافِ لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ مَا فَوْقَ

1 / 309