229

Al-Fuṣūl fī al-uṣūl

الفصول في الأصول

Publisher

وزارة الأوقاف الكويتية

Edition Number

الثانية

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

الكويت

الْأَحْكَامِ حَتَّى تَقُومَ دَلَالَةُ التَّخْصِيصِ وَقِيَامُ دَلَالَةِ التَّخْصِيصِ لَا يَمْنَعُ حُكْمَ دَلَالَتِهِ فِيمَا يَقْتَضِيهِ وَيُوجِبُهُ (فِيمَا لَا تَقُومُ) فِيهِ دَلَالَةُ التَّخْصِيصِ. قِيلَ لَهُ: قَدْ رَضِينَا بِمَا اسْتَشْهَدْت بِهِ حُكْمًا فَإِنَّهُ مِنْ أَظْهَرِ الْأَشْيَاءِ دَلَالَةً عَلَى فَسَادِ أَصْلِك. خَبِّرْنَا عَنْ لَفْظِ الْعُمُومِ هَلْ يَجُوزُ وُجُودُهُ غَيْرَ مُوجِبٍ لِحُكْمٍ أَصْلًا وَهَلْ يَصِحُّ وُجُودُ عِلَّةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ رَأْسًا. فَإِنْ قَالَ: لَا، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ قِيَامِ دَلَالَةِ التَّخْصِيصِ مِنْ أَنْ يَبْقَى مِنْ أَحْكَامِ الْعُمُومِ وَالْعِلَّةِ مَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ. قِيلَ (لَهُ): أَفَلَيْسَ قَدْ وَجَدْت هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا إيجَابُ الْحُكْمِ فِيمَا عَدَا الْمَذْكُورَ فِيهَا بِخِلَافِهِ فَهَلَّا اسْتَدْلَلْت بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِثْلَهَا لَا يَكُونُ دَلِيلًا وَلَوْ جَازَ أَنْ يُوجَدَ عُمُومٌ أَوْ عِلَّةٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ رَأْسًا لَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَا دَلَالَةً عَلَى الْحُكْمِ بِأَنْفُسِهِمَا.
فَإِنْ قَالَ: دَلَالَةُ اللَّفْظِ قَائِمَةٌ فِي إيجَابِ الْحُكْمِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ فِيمَا عَدَاهُ الْحُكْمَ بِخِلَافِهِ. قِيلَ لَهُ: لَمْ نَخْتَلِفْ فِي أَنَّ اللَّفْظَ دَالٌّ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ الْحُكْمِ مِمَّا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْهُ وَإِنَّمَا اخْتَلَفْنَا فِي كَوْنِهِ دَالًّا عَلَى أَنَّ حُكْمَ غَيْرِهِ بِخِلَافِهِ وَقَدْ جَازَ وُجُودُهُ غَيْرَ دَالٍّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَهَذَا الَّذِي تَبْطُلُ بِهِ قَاعِدَتُك. أَلَا تَرَى: أَنَّ اللَّفْظَ نَفْسَهُ لَمَّا كَانَ دَلَالَةً عَلَى مَا وُضِعَ لَهُ مِنْ الْمَعْنَى لَمْ يَجُزْ وُجُودُهُ مُطْلَقًا عَلَى الْحَقِيقَةِ إلَّا وَهُوَ دَالٌّ عَلَى حُكْمِهِ. وَلَوْ قَدْ جَازَ وُجُودُهُ حَقِيقَةً فِي مَوْضِعِهِ غَيْرَ مُفِيدٍ لِمَا وُضِعَ لَهُ لَمَا كَانَ (ذَلِكَ) دَلِيلًا عَلَى

1 / 297