Al-Fuṣūl fī al-uṣūl
الفصول في الأصول
Publisher
وزارة الأوقاف الكويتية
Edition Number
الثانية
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
الكويت
Genres
Jurisprudence
وَالثَّانِي: أَنَّك لَمْ تَجْعَلْ الْجَلْدَ حَدًّا بِحَالٍ كَانَ مَعَهُ نَفْيٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَعَهُ نَفْيٌ فَهُوَ وَالنَّفْيُ (جَمِيعًا) حَدٌّ وَاحِدٌ. وَإِذَا كَانَ هُوَ وَغَيْرُهُ حَدًّا فَلَيْسَ هُوَ فِي نَفْسِهِ حَدًّا بَلْ هُوَ بَعْضُ الْحَدِّ كَمَا أَنَّ جَلْدَ تِسْعِينَ لَيْسَ بِحَدٍّ عِنْدَ أَحَدٍ وَإِنْ انْفَرَدَ عَنْ النَّفْيِ فَهُوَ أَيْضًا (لَيْسَ بِحَدٍّ عِنْدَك) فَلَيْسَ هَاهُنَا تَخْصِيصٌ بِوَجْهٍ وَإِنَّمَا هُوَ نَسْخٌ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا.
وَأَمَّا خَبَرُ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عِنْدَك مَقْبُولٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَمَا الَّذِي خَصَّصْت مِنْ الْآيَةِ بِخَبَرِ (الْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ) فَقَدْ بَانَ لَك أَنَّ خَبَرَ النَّفْيِ وَخَبَرَ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لَا يَقْتَضِيَانِ تَخْصِيصَ شَيْءٍ مِنْ لَفْظِ الْقُرْآنِ وَأَنَّهُمَا لَوْ بُنِيَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِيهِ (الْمُخَالِفُ لَاعْتَرَضَا) عَلَى حُكْمِ الْآيَةِ عَلَى وَجْهِ النَّسْخِ وَيَكُونُ مَا تَعَلَّقَ بِخَبَرِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مِنْ نَسْخِ الْآيَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: جَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ. وَالْآخَرُ: إثْبَاتُ التَّخْيِيرِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، فَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا (خَيَّرَ فِي الْآيَةِ) بَيْنَ شَيْئَيْنِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَيْسَ هَذَا نَسْخًا لِأَنَّ الْخَبَرَ كَأَنَّهُ وَرَدَ هُوَ وَالْآيَةُ مَعًا عَقِيبَهَا بِلَا فَصْلٍ. قِيلَ لَهُ: قَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ. وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْآيَةِ فِيمَا كَانَ هَذَا وَصْفَهُ إلَّا مَا وَرَدَ مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ وَاسْتَعْمَلَهُ النَّاسُ مَعَهَا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ ثَابِتًا فِي الْقُرْآنِ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ وَمَا أَلْحَقَ بِهِ زِيَادَةً عَلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ لَا تُوجِبُ الْعِلْمَ فَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَنَا لِمَا وَصَفْنَا.
1 / 241