Fusul Fi Usul
الفصول في الأصول
Publisher
وزارة الأوقاف الكويتية
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤١٤هـ - ١٩٩٤م
Genres
Jurisprudence
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الْمَنْصُوصَاتِ لَا يُقَاسُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ عَلَى مَا قَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ شَرْطِ الْإِيمَانِ فِي رَقَبَةِ الظِّهَارِ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ النَّسْخِ أَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يُفِيدُ جَوَازَ رَقَبَةٍ مُطْلَقَةٍ غَيْرِ مُقَيَّدَةٍ بِشَرْطِ الْإِيمَانِ فَمَتَى شَرَطْنَاهُ فِيهَا فَقَدْ حَظَرْنَا مَا أَبَاحَتْهُ الْآيَةُ مِنْ جَوَازِ الرَّقَبَةِ الْكَافِرَةِ، وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ النَّسْخِ (وَغَيْرُ جَائِزٍ إثْبَاتُ مِثْلِهِ بِالْقِيَاسِ وَلَا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ) .
فَإِنْ قَالَ (قَائِلٌ): لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي النَّصِّ تُوجِبُ نَسْخَهُ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُدُوثُ كُلِّ فَرْضٍ يُوجِبُ نَسْخَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفُرُوضِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَيْنَا أَنْ نَعْتَقِدَ قَبْلَ حُدُوثِهِ أَنَّهُ لَا فَرْضَ عَلَيْهِ، فَإِذَا حَدَثَ فَرْضٌ آخَرُ فَقَدْ زَالَ الِاعْتِقَادُ الْأَوَّلُ. قِيلَ لَهُ: لَوْ فَهِمْت عَنَّا مَا ذَكَرْنَاهُ لَكَفَيْتَ نَفْسَك هَذَا السُّؤَالَ. وَذَلِكَ أَنَّا قُلْنَا إنَّ وُرُودَ الْفَرْضِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ (ذِكْرِ) الزِّيَادَةِ يُوجِبُ جَوَازَهُ عَنْ الْوَاجِبِ وَوُرُودُ الزِّيَادَةِ يَمْنَعُ جَوَازَ الْأَوَّلِ وَكَوْنَهُ فَرْضًا (وَهَذَا نَسْخٌ) وَلَيْسَ وُرُودُ فَرْضٍ ثَانٍ غَيْرِ مُتَعَلِّقٍ بِالْأَوَّلِ بِمُؤَثِّرٍ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُبْقًى فِي الْحُكْمِ عَلَى مَا كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ جَوَازُهُ بِفِعْلِ الثَّانِي. أَلَا تَرَى أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي جَوَازِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَتَرْكُ الزَّكَاةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي جَوَازِ فِعْلِ الصِّيَامِ فَلَمْ يَكُنْ وُرُودُ بَعْضِ هَذِهِ الْفُرُوضِ بَعْدَ الْأَوَّلِ مُغَيِّرًا لِحُكْمِ الْأَوَّلِ وَكَوْنُ الْإِيمَانِ
1 / 228