182

Fuṣūl fī al-thaqāfa waʾl-adab

فصول في الثقافة والأدب

Publisher

دار المنارة للنشر والتوزيع

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Publisher Location

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

كلمة في اختيار
نصوص الدراسة الأدبية
حديث أذيع نحو سنة ١٩٦١
كنت قاعدًا أفكر في موضوع أتحدث به إليكم (وأصعب شيء على المحدّث اختيار الموضوع، لا سيما إذا كان مثلي يحدث الناس من قديم، من أكثر من ربع قرن)، وإذا بي أسمع من رادّ الجيران أغنية: «أراك عَصِيّ الدّمع شيمتُك الصبرُ».
وأنا قديم الإعجاب بهذه القطعة، فهي من أروع ما قال أبو فراس. فانصرفت أتتبع الرادّ بسمعي، وإذا بي أنتبه إلى شيء عجيب في هذه القطعة لم أنتبه له من قبل.
بيتٌ فيها يوحي إلى سامعه بما يأباه الدين وينكره الخلق الرفيع، لأن الدين والخلق يدفعان إلى الإيثار وحب الناس، وهذا البيت يدفع إلى الأثَرَة (أو الأنانية كما يُقال اليوم) وحبّ الذات، بل إن فيه أبشع صور الأنانية وأبعدها عن الخلق القويم؛ هو قوله: «إذا مِتُّ ظَمْآنًا فلا نَزَل القَطْرُ».
انظروا كم بين قوله هذا وبين قول المعري:
فلا نَزَلت عَليّ ولا بأرضي ... سَحائِبُ ليس تَنتظمُ البلادا

1 / 189