126

Furuq

الفروق

Investigator

محمد طموم

Publisher

وزارة الأوقاف الكويتية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

الكويت

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكُفْرَ لَمْ يَقْطَعْ الرَّحِمَ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْقَرَابَةَ مُتَأَكِّدَةٌ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥]، وَالذِّمِّيُّ يُجَاهَدُ عَلَى الشِّرْكِ وَمَعَ ذَلِكَ أُمِرَ بِمُصَاحَبَتِهِ، فَجَازَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ؛ إذْ هُوَ نَوْعُ مُصَاحَبَةٍ بِمَعْرُوفٍ وَبِرٍّ. وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْوَالِدَيْنِ فَوُجُوبُ النَّفَقَةِ لِأَجْلِ الصِّلَةِ، وَالْكُفْرُ قَطَعَ الصِّلَةَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْقَرَابَةَ ضَعِيفَةٌ فَقَطَعَهَا الْكُفْرُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المجادلة: ٢٢] وَفِي إيجَابِ النَّفَقَةِ نَوْعُ مَوَدَّةٍ وَصِلَةٍ، فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ مَعَ الْكُفْرِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى، قُلْنَا: يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِقَتْلِ أَخِيهِ الْحَرْبِيِّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَ بِقَتْلِ أَبِيهِ الْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ صِلَةُ الرَّحِمِ مَعَ الْوَالِدِ، وَلَا يَجِبُ صِلَةُ رَحِمِ مَنْ سِوَاهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الدِّينِ. ١٥٨ - وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْأَبِ الْحَرْبِيِّ عَلَى الِابْنِ الْمُسْلِمِ. وَتَجِبُ نَفَقَةُ الْأَبِ الذِّمِّيِّ. وَالْفَرْقُ أَنَّ وَصْلَةَ أَهْلِ الْحَرْبِ مَمْنُوعٌ مِنْهَا فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ﴾ [الممتحنة: ٩] وَفِي إيجَابِ النَّفَقَةِ نَوْعُ مُوَالَاةٍ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ.

1 / 158