Funun Iraniyya
الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي
Genres
وصفوة القول أن الصور الإيرانية لها تقاليد فنية اصطلاحية تشبه في بعض الوجوه الصور الهندية والصينية واليابانية، ولكن لها فضلا عن ذلك ذاتية قوية وسحرا خاصا؛ فرسم الصخور كأنها المرجان، والتعبير باللون الذهبي عن الصحاري تحف بها خضرة الأشجار وألوان الزهور والعمائر، كل هذا عنصر هام في الصور الإيرانية يكسبها ما لها من طابع خاص.
وقد يعاب على المصور الإيراني ما سنعرض له في نهاية هذا الكتاب حين نذكر أن الفنانين المسلمين عامة يتبعون تقاليد فنية موروثة، ولا يحيدون عنها إلا بقدر ما يختلف أحدهم عن الآخر في إتقانها؛ فالمصور الإيراني فنان يعمل - في معظم الأحيان - بيده أكثر مما يعمل بعقله، وأكثر الفنانين المسلمين لا يختلفون عنه في هذا الشأن؛ ولذلك قيل عنهم في بعض الأحيان إنهم صناع فحسب.
ومعظم الصور الإيرانية توضيحية، ولكنها لا تختلف في ذلك عن كثير من الصور الغربية في العصور السابقة؛ فتلك توضح قصص الشاهنامه وكليلة ودمنة ودواوين الشعر والقصص المنظومة، وهذه توضح قصص الميثولوجيا (علم الأساطير القديمة) أو الكتاب المقدس. ولكن المصور الإيراني لم يستطع في أغلب الأحيان أن يصل إلى التعبير عن الحالة النفسية بوساطة وجوه الأشخاص في الصورة كما نعرف في الفنون الغربية.
التجليد
أكبر الظن أن جلود المخطوطات في إيران كانت تصنع حتى القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) على الطريقة المصرية الإسلامية، والمعروف أن صناعة التجليد ازدهرت عند الأقباط في مصر قبل الفتح الإسلامي، ثم تطورت على يد المسلمين تطورا بسيطا في القرون الأولى بعد الهجرة حتى اتخذت شكلا إسلاميا ظاهرا منذ القرن السابع الهجري (القرن الثالث عشر الميلادي).
وتمتاز جلود الكتب الإسلامية عامة بأن كعوبها مستوية وغير بارزة، كما تمتاز بأنها تساوي ورق الكتاب في الحجم، وبأن جانبها الأيسر ذو امتداد يعرف باسم «اللسان». ولم يستخدم المسلمون في تجليد الكتب إلا الخشب والجلد ثم الورق المضغوط والمدهون باللاكيه؛ وذلك لأن تجنب الترف والبذخ صرفهم عن استخدام الذهب والمعادن النفيسة في التجليد كما فعل أهل بيزنطة.
وقد نقلت أساليب التجليد القبطية التي ورثها المسلمون إلى سائر أنحاء الشرق الأدنى والأوسط على يد النساطرة؛ فاقتبسها المانويون مثلا في بلاد التركستان الشرقية، كما تشهد بذلك جلود الكتب التي عثر عليها فون لوكوك مدير البعثة الأثرية الألمانية التي نقبت عن الآثار في «طرفان» من أعمال أواسط آسيا، وهي جلود مخطوطات مانوية، ويمكن نسبتها إلى ما بين القرنين السادس والتاسع بعد الميلاد ، ولا تختلف كثيرا في أساليب الصناعة والزخرفة عن جلود الكتب القبطية.
1
وليس بمستغرب أن تكون هناك علاقة بين الأقباط وأتباع المذهب المانوي؛ فقد كشفت في مصر حديثا كتب مانوية مكتوبة باللغة القبطية.
وكذلك امتد نفوذ الأساليب القبطية الإسلامية في التجليد إلى إيران؛ فكانت الجلود الأولى من الخشب المغطى بالجلد والمزين بالرسوم الهندسية، ثم استخدم الورق عوضا عن الخشب واستخدمت الزخارف المكونة من الرسوم والخطوط المتشابكة.
Unknown page