169

Funun Iraniyya

الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي

Genres

وقد وفق الإيرانيون في الخط الكوفي وفي سائر الخطوط التي استخدموها إلى انسجام وجمال زخرفي عظيمين؛ ولا غرو فقد كان للخط الجميل عندهم مكانة عظمى، كما مر بنا في الكلام عن فنون الكتاب، كما أنهم عرفوا أنواعا كثيرة من الخطوط الكوفية والمستديرة الحروف.

5

على أن الإيرانيين لم يقبلوا على استخدام الكتابة في الزخرفة قبل القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، والزخارف الكتابية التي ترجع إلى هذا التاريخ نادرة في إيران وكلها بالخط الكوفي. والواقع أن الكتابة الكوفية كانت تلائم الطراز الزخرفي في ذلك العصر، كما كانت تلائم الزخرفة في النسيج والخشب والمعدن. وكانت الزخارف الكوفية يختلف بعضها عن بعض في هيئة الحروف من حيث الدقة والأناقة واتساع الحروف وحسن توزيعها، وذلك بحسب مهارة الصناع والفنانين، ومن أبدعها شريط من الكتابة المنقوشة في ضريح بيرعالمدار سنة 418ه/1027م. وقد ظل الخط الكوفي مستعملا في الزخرفة الإيرانية إلى القرن الماضي، حتى بعد أن عم استخدام الخطوط المستديرة منذ القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي)، وأقبل الفنانون على إكسابها طابعا زخرفيا جميلا.

ولكن معظم الزخارف الكوفية عند الإيرانيين لم يكن لها طابع إيراني خاص، ولم يكن الفرق كبيرا بينها وبين الزخارف الكوفية في سائر الأقاليم الإسلامية، اللهم إلا في الثروة الزخرفية التي كانت تبدو غالبا في الأرضية التي تقوم عليها الكتابة، كما نرى في قطعة النسيج الإيرانية التي ترجع إلى القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي)، والمحفوظة في مجموعة المسز مور (انظر شكل

109 )، وكما نرى في شريط الكتابة الجصية الزخرفية في المسجد الجامع بقزوين، وهي أيضا من بداية القرن الثاني عشر الميلادي (507-509ه)، وكانوا في بعض الأحيان يكسون الآجر بالمينا، ويزينونه بعبارات مكتوبة بالخط الكوفي المستطيل، كما في المسجد الجامع بأصفهان، واستخدموا هذه الكتابات الكوفية المستطيلة في الفسيفساء الخزفية، كما في المسجد الجامع بمدينة يزد، وفي المسجد الجامع بأصفهان.

وفي متحف اللوفر بباريس طبق خزفي من صناعة سمرقند، عليه كتابة بالخط الكوفي الجميل، ربما كان نصها: «العلم أوله مر مذاقته لكن آخره أحلى من العسل السلامة» (انظر شكل

71 )، وهو مثال لإتقان الزخرفة الكتابية وقوة تعبيرها وما يمكن أن يصل إليه الفنان فيها من توفيق عظيم؛ ولا غرو فإن بلاد التركستان الغربية انتخبت نماذج بديعة جدا من الخزف ذي الزخارف الكتابية، ولا سيما في سمرقند وبخارى، ولعل ذلك من آثار الحضارة السامانية.

وقد صنع الخزفيون الإيرانيون في العصر الإسلامي عددا وافرا من القطع الخزفية ذات الزخارف الكتابية بالخط الكوفي البسيط، والكوفي المزهر والخطوط المستديرة.

6

والظاهر أن الصناع الذين كانوا يكتبون على الخزف لم يتقنوا دائما القراءة والكتابة، ولم يعرفوا تماما ما كانوا يكتبون، وإنما كانوا ينقلونه نقلا. ويظهر ذلك جليا من الأخطاء التي نراها في رسم بعض الكلمات والعبارات، حتى ما كان منها كثير الورود في تلك الكتابات مثل «عز ويمن لصاحبه»؛ ولا غرو فقد كانت العربية لغة أجنبية عند الفنانين الإيرانيين.

Unknown page