143

Uṣūl al-daʿwa wa-ṭuruquhā 3 - Jāmiʿat al-Madīna

أصول الدعوة وطرقها ٣ - جامعة المدينة

Publisher

جامعة المدينة العالمية

Genres

وذكر الإمام البخاري في صحيحه، عن الزهري قال: أخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجيّ وهو ابن أخي سراقة، أنَّ أباه أخبره، أنه سمع سراقة يقول: جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله ﷺ دية، كل واحد منهما من قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج، أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جالسون، فقال: يا سراقة، إني قد رأيت آنفًا أسودة في الساحل، أراها محمدًا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا هم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا، انطلقوا بأعيننا، ثم لبست في المجلس ساعة، ثم قمتُ فدخلت، فأمرت جاريتي أن تخرِج بفرسي، وهي من وراء أكمة، فتحبسها علي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت، فخططت بزجة الأرض، وخفضت عاليه، حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي، فخررت عنها، فقمت، فأهويت يدي إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها، أضرهم أم لا، فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت الأزلام، تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله ﷺ وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء، مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله ﷺ فقلت له: إنّ قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزئاني ولم يسألاني إلّا أن قالا: اخف عنا، فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أدُم، ثم مضى رسول الله ﷺ.

1 / 161