أيامًا طويلة، وجدير بهم أن يجدوا في المساجد ما يوحد الصفوف ويطفئ الخصومات.
٥ - بين الخطبة والأحداث العابرة، والملابسات المحيطة، والجماهير السامعة، علاقة لا يمكن تجاهلها، ومما يزري بالخطيب ويضيع موعظته أن يكون في واد، والناس والزمان والمكان في واد آخر.
ولأمر ما نزل القرآن منجمًا على ثلاث وعشرين سنة. فقد تجاوب مع الأحداث وأصاب مواقع التوجيه إِصابة رائعة.
ولما كان القرآن شفاء للعلل الاجتماعية الشائعة، فإن الخطيب يجب عليه أن يشخّص الداء الذي يواجهه، وأن يتعرف على حقيقته بدقة. فإذا عرفه واستبان أعراضه وأخطاره رجع إلى آي الكتاب والسنة فنقل الدواء إِلى موضع المرض. وذلك يحتاج إِلى بصيرة وحذق فإن الواعظ القاصر قد يجيء بدواء غير مناسب فلا يوفق في علاج. وربما أخطأ ابتداء في تحديد العلة فجاءت خطبته لغوًا وإِن كانت تتضمن مختلف النصوص الصحيحة.
٦ - من الخير أن تضمن خطبة الجمعة أحيانا شيئًا من أمجاد المسلمين الأولين الثقافية والسياسية وتنويهًا بالحضارة اليانعة التي أقامها الإسلام في العالم مع الإِشارة إِلى أن ينابيع هذه الحضارة تفجرت من الحركة العقلية التي أحدثها القرآن الكريم واليقظة الإنسانية التي صنعها الرسول ﷺ، ويكون الغرض من هذه الخطب - على اختلاف موضوعاتها - أن ترجع إلى المسلمين ثقتهم بأنفسهم ورسالتهم العالمية.