128

Al-Asās fī al-Sunna wa-fiqhihā - al-ʿIbādāt fī al-Islām

الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام

Publisher

دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م

Genres

الفقرة الأولى في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
١٨١ - * روى أحمد عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقبله، وذلك أضعفُ الإيمان".
قال محمد بن علان الصديقي: ولا فرق في وجوب الإنكار بين أن يكون الآمر ممتثلًا ما أمر به مجتنبًا ما نهى عنه أو لا، ولا بين كون كلامه مؤثرًا أو لا، وظاهر كلام المصنف الإجماع على ذلك. فقول البعض بسقوط الوجوب عند العلم بعدم التأثير أخذًا من أحاديث تصرح بذلك ليس في محله، ولا بين كون الآمر وليًا أو غيره إجماعًا أخذًا بعموم "من" الشامل لذلك جميعه. نعم إن خشي من ترك استئذان الإمام مفسدة راجحة أو مساوية من انحرافه عليه بأنه افتيات عليه لم يبعد وجوب استئذانه حينئذ. ويشترط لجواز الإنكار ألا يؤدي إلى شهر سلاح، فإن أدى إلى ذلك فلا يكون للعامة بل يرتبط بالسلطان، وشرط وجوبه تارة وجوازه أخرى ألا يخاف على نفس ونحو عضو ومال له أو لغيره وإن قل مفسدة فوق مفسدة المنكر الواقع، وإيجاب بعض العلماء الإنكار بكل حال وإن فعل المنكر وقُبل منه غلوٌ مخالف لظاهر هذا الحديث وغيره ولا حجة له فيما احتج به. وإذا جاز التلفظ بكلمة الكفر عند الخوف أو الإكراه كما في الآية، فليجز ترك الإنكار لذلك بالأولى، لأن الترك دون الفعل ف القبح، وألا يغلب على ظنه أن المنهي يزيد فيما هو فيه عنادًا، وأن يكون المنكر مجمعًا عليه أو يعتقد فاعله حرمته أو حله، ولا ينافي ما تقرر من الوجوب قوله تعالى: عليكم أنفسكم لا ضركم من ضل إذا اهتديتم - لأنه ﷺ سئل عنها، فقال "ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، فإذا رأيت شحًا مطاعًا وهوى متبعًا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأيٍّ برأيه فعليك بنفسك" الحديث (١). ففيه تصريح بأن الآية محمولة على ما إذا عجز المنكرُ، ولا شك في سقوط الوجوب حينئذ، على أن معناها عند

١٨١ - أحمد (٣/ ٢٠).
صحيح مسلم (١/ ٦٩) ١ - كتاب الإيمان - ٢٠ - باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان.

1 / 146