271

Uṣūl al-daʿwa wa-ṭuruquhā 1 - Jāmiʿat al-Madīna

أصول الدعوة وطرقها ١ - جامعة المدينة

Publisher

جامعة المدينة العالمية

Genres

فهذا الحديث الشريف: أصلٌ عظيم من أصول الإسلام، وقاعدة ثابتة تحكُم على تمحيص الأعمال وتخليصها مِن كلّ شوائب الشّرك وكلّ علامات الرياء.
فعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «قال الله تعالى: أنا أغنى الشّركاء عن الشِّرك. مَن عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركْتُه وشِرْكَه»، رواه مسلم.
وقد بيّن الرسول ﷺ: أنّ أوّل ما يحاسب عليه الإنسان يوم القيامة هو: إخلاص النّيّة لله عند أداء العمل؛ فعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه، قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول «إنّ أوّل الناس يُقضى يوم القيامة عليه: رجلٌ استُشهد، فأُتِيَ به فعرّفه نِعمَه فعرفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استشهدْتُ. قال: كذبْتَ! ولكنك قاتلْتَ لأن يُقال: جريء؛ فقد قيل. ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلّم العلْم وعلّمه، وقرأ القرآن، فأتِيَ به فعرّفه نِعمَه فعرفها. قال فما عملْتَ فيها؟ قال: تعلمت العلْم وعلمّته وقرأت فيك القرآن. قال: كذبتَ! ولكنك تعلّمت ليقال: عالِم، وقرأت ليُقال: قارئ؛ فقد قيل. ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسّع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كلّه، فأتيَ به فعرّفه نِعَمَه، فعرَفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تُحبُ أن يُنفق فيها إلاّ أنفقت فيها لك. قال: كذبتَ! ولكن فعلت ليُقال: هو جواد؛ فقد قيل. ثم أمر به فسُحب على وجهه، ثم ألقي في النار»، رواه مسلم.
إن هذا الحديث الشريف يوجب على الدّعاة: أن يراجعوا مواقفهم، وأن يعيدوا ترتيب حساباتهم في كلّ موعظة يعظون الناس بها، ويسألون أنفسهم: كم هي بعيدة أو قريبة من فضيلة الإخلاص؟

1 / 298