215

Foundations and Methods of Da'wah 1 - Al-Madinah University

أصول الدعوة وطرقها ١ - جامعة المدينة

Publisher

جامعة المدينة العالمية

Genres

بل لا وجه للمقارنة والاختيار بين ما شرعه الله للإنسان من أحكام، وبين ما يشرِّعه البشَر لأنفسهم من قوانين ونُظم وتشريعات، لم تحصد الإنسانية منها سوى استفحال الظّلم، واستعباد الشعوب، واشتعال الحروب، وتحوّل العالَم إلى غابة ضارية تفترس فيها الدّول القويّة الأممَ الضعيفة، وتصادر حقّها في العيش الآمن. قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلًا مُبِينًا﴾ (الأحزاب:٣٦). إنّ ربانيّة الدعوة الإسلامية تجعل الناس أمام أحكامها سواء، وتُشعِرُ البشَر بالاطمئنان فيما يصدر لهم أو ضدّهم من أحكام، لأنها مُجرّدة عن الهوى، وتبتعد عن الأنانية والأثَرة وحبّ الذات، وتوجب الالتزام بمنهج الله والدعوة إليه وتطبيقه. قال تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ (المائدة:٤٩). عالَميّة الدّعوة الإسلاميّة إنّ دعوات الأنبياء والمرسلين عبْر مسيرة البشرية كانت دعوات خاصّة تقتصر على قوم بعيْنهم، أو على أمم بذاتها، لا تتجاوز الدعوة حينذاك حدودَ تلك الأوطان والبيئات، إلاّ من خلال ما تتحدّث به القوافل والركبان، أو تنقله جهود بعض الأفراد أثناء الأسفار. ولقد ذكر القرآن الكريم أنّ من خصائص الدعوات السابقة: اقتصارها على قوم الرسول وعشيرته. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ (هود:٢٥).

1 / 238