Ittibāʿ lā ibtidāʿ - qawāʿid wa-usus fī al-sunna wa-l-bidʿa
اتباع لا ابتداع - قواعد وأسس في السنة والبدعة
Edition Number
الثانية
Publication Year
مصححة ١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م (بيت المقدس / فلسطين)
Genres
يقال له: كل بدعة ضلالة ونحن نعلم أن هذا ضلالة قبل أن نعلم نهيًا خاصًا عنها أو أن نعلم ما فيها من المفسدة.
فهذا مثال لما حدث مع قيام المقتضى له وزوال المانع لو كان خيرًا، فإن كل ما يبديه المحدث لهذا من المصلحة أو يستدل به من الأدلة قد كان ثابتًا على عهد رسول الله ﷺ ومع هذا لم يفعله رسول الله ﷺ فهذا الترك سنة خاصة مقدمة على كل عموم وكل قياس.
ومثال ما حدثت الحاجة إليه من البدعة بتفريط من الناس تقديم الخطبة على الصلاة في العيدين فإنه لما فعله بعض الأمراء أنكره المسلمون لأنه بدعة واعتذار من أحدثه بأن الناس قد صاروا ينفضون قبل سماع الخطبة وكانوا على عهد رسول الله ﷺ لا ينفضون حتى يسمعوا أو أكثرهم فيقال له: سبب هذا تفريطك فإن النبي ﷺ كان يخطبهم خطبة يقصد بها نفعهم وتبليغهم وهدايتهم وأنت تقصد إقامة رياستك وإن قصدت صلاح دينهم فلست تعلمهم ما ينفعهم فهذه المعصية منك لا تبيح لك إحداث معصية أخرى بل الطريق في ذلك أن تتوب إلى الله وتتبع سنة نبيه وقد استقام الأمر وإن لم يستقم فلا يسألك الله ﷿ إلا عن عملك لا عن عملهم.
وهذان المعنيان من فهمهما انحل عنه كثير من شبه البدع الحادثة) (١).
إن الجهل بهذا الأصل المهم أوقع كثيرًا من الناس في البدع فانظر إلى البدع التي يفعلها الناس اليوم ترى أن النبي ﷺ قد تركها مع أن الدواعي لفعلها كانت موجودة على عهد النبي ﷺ فانظر إلى تلفظ كثير من المصلين بالنية فتسمع الواحد منهم يقول بصوت مرتفع: نويت أن أصلي أربع ركعات فرض صلاة الظهر مقتديًا ... الخ ولم يؤثر مثل ذلك عن الرسول ﷺ ولا علمه لأحد من أصحابه كما في حديث المسيء
(١) اقتضاء الصراط المستقيم ص ٢٧٩ - ٢٨١.
1 / 70