196

Al-Faṣl fī al-milal waʾl-ahwāʾ waʾl-niḥal

الفصل في الملل والأهواء والنحل

Publisher

مكتبة الخانجي

Publisher Location

القاهرة

الْبَاب السَّادِس وَالْعِشْرين من إنجيل مَتى وَأَيْضًا فِي الْبَاب الثَّانِي عشر من إنجيل مارقش أَن الْمَسِيح قَالَ لتلاميذه لَيْلَة أَخذه لَا شربت بعْدهَا من نسل الزرجون حَتَّى أشربها مَعكُمْ جَدِيدَة فِي ملكوت الله وَفِي الْبَاب الرَّابِع عشر من إنجيل لوقا أَن الْمَسِيح قَالَ للحواريين الاثْنَي عشر أَنْتُم الَّذين صَبَرْتُمْ معي فِي جَمِيع مصائبي فَإِنِّي ألخص لكم الْوَصِيَّة على مَا لخصها لي أبي لتطعموا وتشربوا على مائدتي فِي ملكوتي وتجلسوا على عروش حاكمين على اثْنَي عشر سبطًا من بني إِسْرَائِيل
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَفِي الْفَصْل الأول أَن النَّاس فِي الْآخِرَة لَا يتناكحون وَفِي الْفُصُول الثَّلَاثَة بعده أَن فِي الْجنَّة أكلا وشربًا للخبز وَالْخمر على الموائد وَالنَّصَارَى يُنكرُونَ كل هَذَا وَلَا مؤونة عَلَيْهِم فِي تكذيبهم للمسيح مَعَ إقرارهم بعبادتهم لَهُ وَأَنه رَبهم لَا سِيمَا وَفِي الْفَصْل الأول أَن النَّاس فِي الْجنَّة كالملائكة وَفِي التَّوْرَاة الَّتِي يصدقون بهَا أَن الْمَلَائِكَة أكلت عِنْد لوط وَعند إِبْرَاهِيم الفطاير وَاللَّحم وَاللَّبن وَالسمن وَإِذا كَانَت الْمَلَائِكَة يَأْكُلُون وَالنَّاس فِي الْجنَّة مثلهم فَالنَّاس فِي الْجنَّة يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ بِلَا شكّ بِمُوجب التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَلَا سِيمَا وَقد أخبروا أَن الْمَسِيح بعد أَن مَاتَ وَرجع إِلَى الدُّنْيَا وَلَقي تلاميذه طلب مِنْهُم مَا يَأْكُل فَأتوهُ بحوت مشوي فَأكل مَعَهم وَشرب شراب عسل بعد مَوته فَإِذا كَانَ الْإِلَه يَأْكُل الْحيتَان المشوية وَيشْرب عَلَيْهَا الْعَسَل فَأَي فكرة فِي شرب النَّاس وأكلهم فِي الْجنَّة وَإِذا كَانَ الله تَعَالَى عِنْدهم اتخذ ولدا من امْرَأَة اصطفاها فَأَي عجب فِي اتِّخَاذ النَّاس النِّسَاء فِي الْجنَّة وَهَذَا هُوَ طبعهم الَّذِي بناهم الله عَلَيْهِ إِلَّا أَن فِي رعونة هَؤُلَاءِ النوكي لعبرة لمن اعْتبر وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَعجب آخر وَهُوَ وعده الاثْنَي عشر تلميذًا بِأَنَّهُم يَقْعُدُونَ على عروش حاكمين على الاثْنَي عشر سبطًا من بني إِسْرَائِيل فَيُوجب ضَرُورَة كَون يهوذا الأسخريوطى فيهم وَلَا يجوز أَن يُخَاطب بِهَذَا أَصْحَابه دونه لِأَنَّهُ قد أوضح أَنهم اثْنَا عشر على اثْنَي عشر سبطًا من بني إِسْرَائِيل فَوَجَبَ ضن ورة كَونه فيهم وَهُوَ الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْيَهُود برشوة ثَلَاثِينَ درهما فَلَا بُد من أَنه لم يُذنب فِي ذَلِك وَهَذَا كذب لِأَنَّهُ قد قَالَ فِي مَكَان آخر ويل لذَلِك الْإِنْسَان الَّذِي كَانَ أحب إِلَيْهِ لَو لم يخلق أَو كذب الْمَسِيح فِي هَذَا الْوَعْد الْمَذْكُور لَا بُد من أَحدهمَا

2 / 39