Al-Faṣl fī al-milal waʾl-ahwāʾ waʾl-niḥal
الفصل في الملل والأهواء والنحل
Publisher
مكتبة الخانجي
Publisher Location
القاهرة
لَا مزحل عَنهُ وَلَا بُد لَهُم من أَن يَفروا من أَن الْمَسِيح مسخوط يدعى فِي ملكوت السَّمَوَات صَغِيرا لَا عَظِيما لِأَنَّهُ هَكَذَا أخبر هُوَ عَمَّن حلل عهدا صَغِيرا من عهودها وَهُوَ قد حل عهودًا كبارًا من عهودها إِذْ حرم الطَّلَاق وَقد أباحته التَّوْرَاة وَنهى عَن الْقصاص الَّذِي جَاءَت بِهِ التَّوْرَاة فَقَالَ قد قيل الْعين بِالْعينِ وَالسّن بِالسِّنِّ وَأَنا أَقُول لَا تكافئوا أحدا بسيئة وَلَكِن من لطم خدك الْأَيْمن فانصب لَهُ الخد الْأَيْسَر
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ أَو لَا بُد لَهُم من أَن يشْهدُوا على أنفسهم أَوَّلهمْ عَن آخِرهم وسالفهم عَن خالفهم بِمَعْصِيَة الله تَعَالَى وَمُخَالفَة الْمَسِيح وَأَنَّهُمْ يدعونَ فِي ملكوت السَّمَوَات صغَارًا إِذْ نقضوا حكم التَّوْرَاة أَولهَا عَن آخرهَا وَلَا يُمكنهُم هَا هُنَا دَعْوَى النّسخ الْبَتَّةَ لأَنهم حكوا كَمَا أوردنا عَن الْمَسِيح أَنه قَالَ أَقُول لكم إِلَى أَن تبيد السَّمَاء وَالْأَرْض لَا تبيد بَاء وَاحِدَة وَلَا حرف وَاحِد من التَّوْرَاة حَتَّى يتم الْجَمِيع فَمنع من النّسخ جملَة وَأَن فِي هَذَا لعجبًا لَا نَظِير لَهُ وحمق وضلالًا مَا كُنَّا نصدق بِأَن أحدا يدين بِهِ لَوْلَا أَنا شاهدناهم ونسأل الله السَّلامَة ثمَّ ذكر فِي الْبَاب الثَّامِن عشر من إنجيل مَتى أَن الْمَسِيح قَالَ للحواريين الاثْنَي عشر بأجمعهم وَمن جُمْلَتهمْ يهوذا الأسخريوطي الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْيَهُود برشوة ثَلَاثِينَ درهما كل مَا حرمتموه فِي الأَرْض يكون محرما فِي السَّمَاء وكل مَا حللمتموه فِي الأَرْض يكون محللًا فِي السَّمَاء وَفِي الْبَاب السَّادِس عشر من إنجيل مَتى أَنه قَالَ هَذَا القَوْل لباطره وَحده
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَهَذَا نَص تنَاقض عَظِيم كَيفَ يكون التَّحْلِيل وَالتَّحْرِيم للحواريين أَو لباطره مَعَ قَوْله أَنه لم يَأْتِ لتبديل التَّوْرَاة لَكِن لإتمامها وَأَنه من نقض من عهودها عهدا صَغِيرا دعِي فِي ملكوت السَّمَوَات صَغِيرا وَأَن السَّمَاء وَالْأَرْض تبيدان قبل أَن تبيد التَّوْرَاة بَاء وَاحِدَة أَو حرف وَاحِد لَئِن كَانَ صدق فِي هَذَا فَإِن فِي نَص التَّوْرَاة أَن الله تَعَالَى قد لعن من صلب فِي خَشَبَة وهم يَقُولُونَ أَنه صلب فِي خَشَبَة وَلَا شكّ فِي أَن باطرة شَمْعُون أَخا يُوسُف وأندرياش أَخُو باطرة وفليش وبولس صلبوا فِي الْخشب فعلى قَول الْمَسِيح لَا يبيد شَيْء من التَّوْرَاة حَتَّى يتم جَمِيعهَا فَكل هَؤُلَاءِ ملعونون بلعنة الله تَعَالَى فاعجبوا لضلال هَذِه الْفرْقَة المخذولة فَمَا سمع بأطم من هَذِه الفضائح أبدا
2 / 19