ثم أحضر جدي حنيذ،
26
فأخذ الأعرابي يمزقه ويمعن في أكله، فقال معاوية: يا هذا، أتطالب هذا البائس بذحل
27
هل نطحتك أمه؟ قال: وأبيك إنك لشفيق عليه! هل أرضعتك أمه! وكان لزياد بن عبد الله الحارثي جدي لا يمسه أحد، فعشى في شهر رمضان قوما منهم أشعب، فعرض أشعب يوما للجدي من بين القوم، فقال زياد حين رفعت المائدة: أما لأهل السجن إمام يصلي بهم؟ قالوا: لا، قال: فليصل بهم أشعب، فقال أشعب: أوغير ذلك أيها الأمير؟ قال: وما هو؟ قال: لا آكل لحم جدي أبدا ... وهل يعيب التطفيل وينتقص المتطفلين إلا كل أحمق مأفون ... إن التطفيل ثورة معوية حارة تلظى على المترفين ... ولكنها ثورة سلمية سائغة مقبولة متواضعة، كل سلاحها وجه وقاح وشيء من إراقة ماء الوجه ... على أنه لا يدعو هذا السلاح «إراقة ماء وجه» إلا أنا وأنت، أما رجال الفن ... أما من تدعوهم متطفلين، فلا يغدو ذلك في رأيهم أن يكون «تقاضي حق» من أناس قد أمعنوا في ترفهم، ولم يرضخوا للمحزومين بلماظة من حقوقهم:
28
يبيتون في المشتى ملاء بطونهم
وجاراتهم سغب يبتن خمائصا
29
ولحا الله أبا عمرة،
Unknown page