110

وذكرتم أن الشيخ رحمة الله عليه رخص في أكل الطحال وهذا عن القاسم فمحال ما سمعنا بذلك عنه، وقول القاسم فيه والهادي إلى الحق صلوات الله عليهما فهو ما ذكرتم أن الهادي عليه السلام قد قاله وقد روي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه نهى عنه وقال لقمة الشيطان، والطحال فإنما هي قطعة من دم جامدة والدم فلا يحل أكله وليس ينبغي رحمكم الله لأحد ممن له دين ومعرفة ويقين أن يقول: إن الهادي إلى الحق يخالف جده القاسم صلوات الله عليهما أو أن أحدا ممن يكون بعد الهادي عليه السلام يخالف الهادي وكيف يخالف فرع أصله أو يحمل غير ثمره هل رأيتم تفاحة قط حملت رمانا أو رمانة حملت تفاحا إنما تحمل تفاحة تفاحا والرمان رمانا وإنما الأصل كتاب الله سبحانه وسنة رسوله وما ركب في الخلق من عقولهم الذي احتج بها عليهم فليس يقع في مثل هذا اختلاف بل ذلك صميم الصدق والإئتلاف فكل ما كان من سبب في الحكم مختلف فذلك من قبل الناقل والكاتب [606] وزلل من حفظ الحافظ، وعلى قدر المسألة أيضا يخرج الجواب، كم من مسألة يسأل عنها خمسة رجال فيزيد بعضهم وينقص بعضهم فيخرج الجواب لكلهم على قدر كلامه ومسألته فيكون عند ذلك مختلفا من المجيب على قدر سؤال السائل فلا يلحق المخطئ المفتى في ذلك سبب لأنه إنما أفتا على قدر ما سؤال السائل(1)، وكم من رجلين يتناظران في حق فيكون أحدهما ألقن بحجته من الآخر فيقع الحكم للظالم بلقانته فلا يلزم الحاكم في ذلك شيء من قبل الله عز وجل في حكمه لأنه إنما حكم بما سمع وواجهه من الحق وفي ذلك ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه أنه قال: [((لا يقولن أحدكم إذا حكمت له بما ليس له حكم لي رسول الله -عليه السلام-](2) فإنه لا يحل له إنما أنا بشر لا أعلم الغيب وقد يكون أحد الخصمين ألقن بحجته من الآخر فأحكم بما أسمع فلا يأخذ الظالم ظلما فإني إنما أقطع له قطعة من جهنم))، فارجعوا رحمكم الله بمتشابهكم إلى محكمكم وبفروعكم إلى أصولكم تسلموا من الغلط والزلل وتنجوا بعون الله من الباطل والخطل، ليس من نبي ولا إمام إلا وقد نقل عنه أصحابه أخبارا مختلفة وأحكاما متضادة أفيجوز لأحد أن يقول الأنبياء عليهم السلام تنقض أحكامها وتقلب ما تجي به من شرايعها هذا ما لا يقول به مؤمن ولا يحل لأحد قوله ولا يسعه ذكره ولكن يعلم كل من له دين أن الاختلاف من الرواة ومن الناقلين لا من الأنبياء المرسلين رحمة الله وبركاته عليهم أجمعين.

Page 112