Fiqh Principles: Authenticity and Guidance
القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه
Genres
قاعدة الحلف بغير الله لا يعتبر يمينًا
القاعدة الثالثة: الحلف بغير الله لا يعتبر يمينًا شرعيًا، يعني: فلا ينعقد اليمين.
أولًا: القسم قسمان: قسم من الخالق، وقسم من المخلوق.
أما الخالق فيقسم بذاته، وأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، بل ويقسم بمخلوقاته، فقد أقسم الله بنفسه وبربوبيته، قال الله تعالى: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ [الذاريات:٢٣]، وقال الله جل في علاه: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الحجر:٩٢ - ٩٣].
ويقسم أيضًا بمخلوقاته سبحانه جل في علاه، قال الله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾ [الطارق:١] ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ [الليل:١ - ٢]، وقال الله تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى﴾ [النجم:١ - ٢]، بل أقسم بحياة النبي ﷺ فقال: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر:٧٢].
فأقسم الله بالمخلوق لعلتين وحكمتين ظاهرتين لنا: العلة الأولى والحكمة الأولى: التشريف والتعظيم.
العلة الثانية: أن هذا فيه دلالة عظيمة على ربوبية الله جل في علاه، فالنبي ﷺ وهو يقيم الليل يقول: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل) هذه فيها دلالة على عظمة خلق هؤلاء، وعظم خلق هؤلاء دلالة على عظمة الخالق جل في علاه.
أما القسم الثاني: وهو قسم المخلوق، فالمخلوق لا يجوز له بحال من الأحوال أن يقسم إلا بالخالق، فلا يقسم بشيء غير ربه جل في علاه، أو بأسماء الله الحسنى، وبصفاته العلى، وله أن يقسم بأفعال الله.
ولا يجوز بحال من الأحوال أن تقسم بغير الله جل في علاه، وقد قال النبي ﷺ عندما سمع عمر ﵁ وأرضاه يقسم بأبيه: (لا تحلفوا بآبائكم).
وأيضًا في المسند عن ابن عمر ﵁ وأرضاه أنه قال: قال رسول الله ﷺ: (من حلف بغير الله فقد أشرك) وفي رواية: (فقد كفر) وقد قال النبي ﷺ: (من حلف باللات فليقل: لا إله إلا الله ومن قال لأخيه: تعال أقامرك، فليتصدق).
فإذًا: القسم بغير الله لا يجوز؛ فإن كان لا يجوز، فهو أيضًا لا ينعقد، أي لا كفارة فيه، فلو قال: أقسم برحمة أبي، أو بشرف أمي إنه لا يأكل، ثم أكل، فليس عليه كفارة؛ لأن اليمين لا تنعقد.
لكن يستثنى من هذه مسألة من قال: عليّ الطلاق، هذه المسألة لنا فيها نظر: النظر الأول: أن هذا من باب النذر.
يعني: يلزمه طلاق امرأته، فقوله: عليّ الطلاق ليس قسمًا وإنما هو نذر بمنزلة اليمين، وتدور المسألة على نيته، فلو قال: عليّ الطلاق ما تذهبي إلى أبيك، وذهبت إلى أبيها، قال شيخ الإسلام خلافًا لجماهير أهل العلم: المسألة دائرة مع نيته حيث قال ﷺ: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
ولو كان يفعل ذلك تهديدًا فهذا نذر نزل منزلة اليمين فعليه كفارة يمين.
إذًا: القسم ينعقد إذا كان بالله، أو بذات الله، فإذا أقسم رجل وقال: وروح الله لأتزوجن هندًا، فلم يتزوج هندًا.
إذا قصد بذلك عيسى، فهذه إضافة تشريف فلا ينعقد اليمين.
20 / 3