Fiqh al-ʿibādāt li-l-ʿUthaymīn
فقه العبادات للعثيمين
Genres
السؤال (١٣٨): فضيلة الشيخ، ما حكم من يصوم أيامًا ويفطر أخرى؟
الجواب: جواب هذا السؤال يمكن أن يفهم مما سبق، وهو أن هذا الذي يصوم يومًا ويدع يومًا لا يخرج من الإسلام، بل يكون فاسقًا لتركه هذه الفريضة العظيمة التي هي أحد أركان الإسلام، ولا يقضي الأيام التي أفطرها، لأن قضاءه إياها لا يفيد شيئًا، فإنه لا يصلي بناء على ما أشرنا إليه سابقًا من أن العبادة الموقتة إذا أخرها الإنسان عن وقتها المحدد بلا عذر فإنها لا تقبل منه.
قضاء الأشهر الفائتة
السؤال (١٣٩): فضيلة الشيخ، إذا كان الإنسان قد ترك أشهرًا من رمضان بعد بلوغه ثم التزم الآن، فهل يلزمه قضاء هذه الأشهر؟
الجواب: القول الراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يلزمه قضاء هذه الأشهر التي تكرها بلا عذر، بناء على ما سبق أن العبادة الموقتة إذا أخرها الإنسان عن وقتها المحدد لها شرعًا فإنها لا تقبل منه، فقضاؤه إياها لا يفيده شيئًا، وقد ذكرنا فيما سبق دليل ذلك من الكتاب والسنة والقياس، وعلى هذا فإذا كان الإنسان في أول شبابه لا يصلي ولا يصوم ثم من الله عليه بالهداية وصلى وصام، فإنه لا يلزمه قضاء ما فاته من صلاة وصيام، وكذلك لو كان يصلي ويزكي ولكنه لا يصوم فمن الله عليه بالهداية وصار يصوم، فإنه لا يلزمه قضاء ذلك الصوم بناء على ما سبق تقريره، وهو أن العبادة الموقتة بوقت إذا أخرها الإنسان عن وقتها بلا عذر لم تقبل منه، وإذا لم تقبل منه لم يفده قضاؤه إياها شيئًا.
الأعذار المبيحة للفطر
السؤال (١٤٠): فضيلة الشيخ، ما هي الأعذار المبيحة للفطر في شهر رمضان المبارك؟
الجواب: الأعذار المبيحة للفطر سبق الإشارة إلى بعضها وهو: المرض، والسفر، ومن الأعذار أن تكون المرأة حاملًا تخاف على نفسها أو على جنينها، ومن الأعذار أيضًا أن تكون المرأة مرضعًا تخاف إذا صامت على نفسها أو على رضيعها، ومن الأعذار أيضًا أن يحتاج الإنسان إلى الفطر لإنقاذ معصوم من هلكلة مثل أن يجد غريقًا في البحر أو شخصًا بين أماكن محيطة به فيها نار، فيحتاج في إنقاذه إلى الفطر، فله حينئذ أن يفطر ويمتدح، ومن ذلك أيضًا إذا احتاج الإنسان إلى الفطر للتقوي على الجهاد في سبيل الله، فإن ذلك من أسباب إباحة الفطر له، لأن النبي ﷺ قال لأصحابه في غزوة الفتح: " إنكم مصبحوا عدوكم، والفطر أقوى لكم فأفطروا" (١)، فإذا وجد السبب المبيح للفطر وأفطر الإنسان به، فإنه لا يلزمه الإمساك بقية ذلك اليوم.
فإذا قدر أن شخصًا أفطر لإنقاذ معصوم من هلكة فإنه يستمر مفطرًا، لأنه أفطر بسبب يبيح له الفطر، فلا يلزمه الإمساك حينئذ، لكون حرمة ذلك اليوم قد زالت بالسبب المبيح للفطر.
ولهذا نقول: القول الراجح في هذه المسألة أن المريض لو برئ في أثناء النهار وكان مفطرًا فإنه لا يلزمه الإمساك، ولو قدم المسافر أثناء النهار إلى بلده وكان مفطرًا فإنه لا يلزمه الإمساك، ولو طهرت الحائض في أثناء النهار فإنه لا يلزمها الإمساك، لأن هؤلاء كلهم أفطروا بسبب مبيح للفطر، فكان ذلك اليوم في حقهم لا حرمة له بإباحة الشرع الإفطار فيه، فلا يلزمه الإمساك إذا زال السبب المبيح للفطر.
(١) أخرجه مسلم، كتاب الصوم، باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل، رقم (١١٢٠)
1 / 229