22

Fiqh of the Muslim Merchant

فقه التاجر المسلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

بيت المقدس ١٤٢٦هـ - ٢٠٠٥م

Genres

التجار من الصحابة من المعلوم أنه كانت للعرب أسواق في الجاهلية يتاجرون فيها وهي أسواق مشهورة في شعر العرب وأدبهم وقد ذكرها ابن عباس ﵄ فقال: كانت عكاظ ومَجنَّه وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية، فلما كان الإسلام فكأنهم تأثموا فيه، فنزل قول الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ رواه البخاري. وكان الرسول ﷺ وهو في مكة يرتاد الأسواق ويتاجر كسبًا للرزق وطلبًا للمعاش بل كان له شريك في التجارة يقال له السائب وقد عاب المشركون على النبي ﷺ تردده على الأسواق حيث ذكر الله ﷻ ذلك عنهم ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ سورة الفرقان الآية ٧. قال الإمام القرطبي: [قوله تعالى ﴿وَقَالُوا﴾ ذكر شيئًا آخر من مطاعنهم. والضمير في ﴿وَقَالُوا﴾ لقريش؛ وذلك أنهم كان لهم مع رسول الله ﷺ مجلس مشهور، ذكره ابن إسحاق في السيرة وغيره. مضمنه - أن سادتهم عتبة بن ربيعة وغيره اجتمعوا معه فقالوا: يا محمد! إن كنت تحب الرئاسة وليَّناك علينا، وإن كنت تحب المال جمعنا لك من أموالنا؛ فلما أبى رسول الله ﷺ عن ذلك رجعوا في باب الاحتجاج معه فقالوا: ما بالك وأنت رسول الله تأكل الطعام، وتقف بالأسواق! فعيروه بأكل الطعام؛ لأنهم أرادوا أن يكون الرسول مَلَكًا، وعيروه بالمشي في الأسواق حين رأوا الأكاسرة والقياصرة والملوك الجبابرة يترفعون عن الأسواق، وكان ﵇ يخالطهم في أسواقهم، ويأمرهم وينهاهم؛ فقالوا: هذا يطلب أن يتملك علينا، فماله يخالف سيرة الملوك؛ فأجابهم الله بقوله، وأنزل على نبيه: ﴿وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ فلا تغتم ولا تحزن، فإنها شكاة ظاهر عنك عارها ... دخول الأسواق مباح للتجارة وطلب المعاش. وكان ﵇ يدخلها لحاجته، ولتذكرة الخلق بأمر الله ودعوته، ويعرض نفسه فيها على القبائل، لعل الله أن يرجع بهم إلى الحق. وفي البخاري في صفته ﵇: ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ... وذكر السوق مذكور في غير ما حديث، ذكره أهل

1 / 25