Fiqh of the Muslim Merchant
فقه التاجر المسلم
Edition Number
الأولى
Publication Year
بيت المقدس ١٤٢٦هـ - ٢٠٠٥م
Genres
وقال ابن كثير: [وقوله تعالى: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ الآية. وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ الآية، يقول تعالى لا تشغلهم الدنيا وزخرفها وزينتها وملاذ بيعها وربحها عن ذكر ربهم الذي هو خالقهم ورازقهم، والذين يعلمون أن الذي عنده هو خير لهم وأنفع مما بأيديهم، لأن ما عندهم ينفد وما عند الله باق، ولهذا قال تعالى: ﴿لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ﴾ يقدمون طاعته ومراده ومحبته على مرادهم ومحبتهم، قال هشيم عن سيار قال: حدثت عن ابن مسعود أنه رأى قومًا من أهل السوق حيث نودي للصلاة المكتوبة تركوا بياعاتهم ونهضوا إلى الصلاة، فقال عبد الله بن مسعود: هؤلاء من الذين ذكر الله في كتابه ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ الآية، ... عن ابن عمر ﵄ أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة، فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد فقال ابن عمر: فيهم نزلت ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّه﴾ ... وعن ابن عباس ﴿لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّه﴾ يقول عن الصلاة المكتوبة ... وقال السدي: عن الصلاة في جماعة. وقال مقاتل بن حيان: لا يلهيهم ذلك عن حضور الصلاة وأن يقيموها كما أمرهم الله، وأن يحافظوا على مواقيتها وما استحفظهم الله فيها] تفسير ابن كثير٤/ ٥٥٩ - ٥٦٠.
وقد عاتب الله ﷿ الصحابة الذين تركوا النبي ﷺ أثناء خطبة الجمعة عندما جاءت قافلة تجارية وفيهم نزل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضّوَاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمًا قُلْ مَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ مّنَ اللهْوِ وَمِنَ التّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرّازِقِينَ﴾.
قال ابن كثير: [يعاتب ﵎ على ما كان وقع من الانصراف عن الخطبة يوم الجمعة إلى التجارة التي قدمت المدينة يومئذ فقال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضّوَاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمًا﴾ أي على المنبر تخطب، هكذا ذكره غير واحد من التابعين ... فانصرفوا إليها وتركوا رسول الله ﷺ قائمًا على المنبر إلا القليل منهم، وقد صحّ بذلك الخبر فقال الإمام أحمد ... عن جابر قال: قدمت عير مرة المدينة، ورسول الله ﷺ يخطب فخرج الناس وبقي اثنا عشر رجلًا فنزلت ﴿وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضّوَاْ إِلَيْهَا﴾ أخرجاه في الصحيحين ... وعن جابر بن عبد الله قال: بينما النبي
1 / 21