fiqh al-tājir al-muslim
فقه التاجر المسلم
Edition Number
الأولى
Publication Year
بيت المقدس ١٤٢٦هـ - ٢٠٠٥م
Genres
وذكر أحد علماء الهند المعاصرين أن تلك الفوائد التي كان المسلمون يتركونها للبنوك الربوية في الهند كانت تصرف على بناء الكنائس وعلى إرساليات التبشير وغير ذلك. راجع قضايا فقهية معاصرة ص ٢٤.
وأما الخيار الثالث وهو إتلاف تلك الأموال فلا يقول به عاقل لأن المال نعمة من الله ﷾ وليس بنجس بنفسه وإنما يخبث المال إذا كسبه بطريق حرام فإتلافه إهدار لنعمة الله، قال الشيخ مصطفى الزرقا: [فالمال لا ذنب له حتى نحكم عليه بالإعدام فإتلافه إهدار لنعمة الله وهو عمل أخرق والشريعة الإسلامية حكمة كلها لأن شارعها حكيم].
فإذا بطلت الخيارات الثلاثة وبقي الخيار الرابع وهو أخذ المال من البنك وتوزيعه على الفقراء والمساكين وجهات الخير الأخرى وهذا شأن كل مال حرام يحوزه المسلم فيجب عليه أن يتصدق به، قال حجة الإسلام الغزالي موضحًا مسألة التصدق بالمال الحرام ما نصه: [فإن قيل: ما دليل جواز التصدق بما هو حرام وكيف يتصدق بما لا يملك؟ وقد ذهب جماعة إلى أن ذلك غير جائز لأنه حرام وحكى عن الفضيل أنه وقع في يده درهمان فلما علم أنهما من غير وجههما رماهما بين الحجارة وقال: لا أتصدق إلا بالطيب ولا أرضي لغيري مالًا لا أرضاه لنفسي؟ فنقول: نعم ذلك له وجه واحتمال، وإنما اخترنا خلافه للخبر والأثر والقياس.
أما الخبر: فأمر رسول الله ﷺ بالتصدق بالشاة المصلية التي قدمت فكلمته بأنها حرام إذ قال ﷺ: (أطعموها الأسارى) - قال الحافظ العراقي في تخريج هذا الحديث رواه أحمد وإسناده جيد-
ولما نزل قوله تعالى: ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ كذبه المشركون وقالوا للصحابة: ألا ترون ما يقول صاحبكم يزعم أن الروم ستغلب فخاطرهم أبو بكر ﵁ بإذن رسول الله ﷺ فلما حقق الله صدقه وجاء أبو بكر ﵁ بما قامرهم به قال ﷺ: (هذا سحت فتصدق به وفرح المؤمنون بنصر الله وكان قد نزل تحريم القمار بعد إذن رسول الله ﷺ له في المخاطرة مع الكفار.
قال الحافظ العراقي: حديث مخاطرة أبي بكر بإذنه ﷺ لما نزل قوله تعالى: ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ وفيه فقال ﷺ: (هذا سحت فتصدق به) أخرجه البيهقي في
1 / 139