142

Fiqh al-daʿwa fī Ṣaḥīḥ al-Imām al-Bukhārī

فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري

Publisher

الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢١ هـ

Genres

ومع هذا كان يقول ﷺ: «اللهم اجعل رزق آل محمدٍ قوتا» (١) وقال ﷺ: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنعه الله بما آتاه» (٢).
فينبغي للداعية أن يكون زاهدا في الدنيا، راغبا فيما عند الله تعالى؛ فإن ذلك من الصفات الحميدة، والأخلاق الكريمة (٣) والله المستعان (٤).
ثانيا: من صفات الداعية: الكرم: لا ريب أن الكرم من صفات الداعية الناجح؛ لأن الكريم إذا أحسن إلى الناس جلب قلوبهم؛ ولأن النفس في الغالب مجبولة على حبِّ من أحسن إليها، وهذا واضح في هذا الحديث؛ ولهذا قال الإمام النووي ﵀ في شرحه لهذا الحديث عندما ذكر ماله ﷺ من الأموال. قال: " لكنه ﷺ كان لا يستأثر بها، بل ينفقها على أهله، والمسلمين، وللمصالح العامة. . . " (٥).
فعلى الداعية أن يكون جوادا كريما محسنا، وبهذا إن شاء الله يجذب قلوب المدعوين، فيقبلون على دعوته (٦).
ثالثا: مسؤولية الداعية تجاه أقاربه: إن الأقارب لهم حق النفقة والرعاية والإحسان على حسب مراتبهم ودرجاتهم في القرب؛ ولهذا قال ﷺ في هذا الحديث: " ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة "، فلم يهمل ﷺ نفقة نسائه، بل أوصى لهن بالنفقة، وقد بين ﷺ أهمية الإنفاق على الأهل، والأقارب، والعيال الذين يعولهم المسلم، أو

(١) متفق عليه من حديث أبي هريرة ﵁: البخاري، كتاب الرقاق، باب كيف كان يعيش النبي ﷺ وأصحابه وتخلِّيهم عن الدنيا، ٦/ ٢٣٢ برقم ٦٤٦٠، ومسلم، كتاب الزكاة، باب الكفاف والقناعة، واللفظ له، ٢/ ٧٣٠ برقم ١٠٥٥.
(٢) مسلم، كتاب الزكاة، باب الكفاف والقناعة، ٢/ ٧٣٠ برقم ١٠٥٤، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄.
(٣) انظر: الاستذكار لابن عبد البر ٢٧/ ٣٨٦، وفتح الباري لابن حجر، ٥/ ٤٠٦، ٦/ ٢٠٩، ١٢/ ٦،.
(٤) انظر: الحديث رقم ٢، الدرس الأول.
(٥) شرح النووي على صحيح مسلم، ١٢/ ٣٢٦.
(٦) انظر: الحديث رقم ٢، الدرس الثاني.

1 / 144