58

وأرجو قبول تحياتي.

المخلص

إسماعيل صدقي

17 يناير سنة 1927 «محرر المرآة»: وليس لي يا مولاي ما أقوله في هذا المقام غير قول الشاعر:

فلو «صورت» نفسك لم «أزدها»

على ما فيك من شرف الطباع

علي الشمسي باشا

لم يكن علي الشمسي من يوم نشأته منكور المحل، وأول عهد الجمهور به يوم كان في سويسرا يطلب العلوم العالية، فكان طالبا مجدا متفوقا، وكان إلى جانب ذلك حركة وطنية قوية تدعو لمصر المضطهدة وتطلب لها الحرية في صميم بلاد الحرية. نعم، كان الشمسي في أوروبا أقوى صدى لصوت الحزب الوطني في مصر، وأتم تحصيل علومه ونال عليا الشهادات من أكبر جامعات سويسرا، وعاد إلى بلاده، فظن الناس أن «وظيفة» تمهد في الحكومة لهذا القادم الناجح الجديد، فإذا به يعدل إلى دار الحزب الوطني وينتظم من فوره عضوا في مجلس إدارته. وهكذا كان الشمسي درسا بليغا في التضحية خالصة لوجه الوطن ، ومن حيث علم من لم يكن يعلم أن التلميذ يتعلم في مدارس مصر، حتى إذا تاقت نفسه إلى طلب العلم العالي هاجر إلى بلاد الغرب، فلبث سنين طوالا بعيدا عن أهله وأحب الناس إلى قلبه، وأنفق ما شاء الله أن ينفق من مال وعمر، وأدركه ما شاء طلب العلم من كد ذهن وإرهاق عصب، حتى إذا برع وحاز أسمى الألقاب العلمية، عاد إلى بلاده لا ليطلب بهذا كله عند الحكومة مرتزقا، ولكن ليطلب به «وظيفة» جندي مجاهد في سبيل الوطن!

وكان علي الشمسي في الحزب الوطني قوة كبيرة، لا في جهارة الصوت، ولا في كثرة الترائي للجماهير، ولا في سبب من أسباب الظهور، ولكن في صحة الرأي وبعد النظر وسلامة التدبير، حتى إذا بعثته ضرورة الحال للخطابة، أسمع الناس كلام وطني شديد الوطنية، في عبارات سياسي محصه العلم ومرسته تجارب الأيام.

وهنا يحلو لي أن أقرر ملاحظة صغيرة: تلك أنه لم يكد يخرج رجل فينا إلى ميدان السياسة إلا جاز إليه بالحزب الوطني والتشيع بادئ الرأي لمبادئه. والوجه في هذا - على تقديري - أن الحزب الوطني حزب الشباب حقا، وأن مبادئه مبادئ الشباب حقا.

Unknown page