203

Fikar Wa Mabahith

فكر ومباحث

Publisher

مكتبة المنارة للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م

Publisher Location

مكة المكرمة

Genres

مقالة في ذنبها اسم لم نسمع به، خلط فيها صاحبها وخبط، وانتهى به الخلط والخبط إلى أن نَحَلَ رياسة الأدب في الشام رجلًا ليس منه في العير ولا النفير، وليس منه في فرس ولا بعير. وأشهد لقد ضحكنا منها في مجالسنا كأشد ضحك ضحكناه قط. ولكن القراء لم يضحكوا لأنهم لا يعرفون من الأمر إلا أنه (كفّ عدس ...) ولأنهم يثقون بأن هذه المجلات لا تقدم لهم إلا حقًا، ولا تنشر إلا لأديب أريب. ... وأنا لا أنكر منافع (التشجيع) ولقد كتبت فيه وأثنيت على أهله (١)، ولكن هذا التشجيع إذا بلغ هذا المبلغ صار أذى لمن يشجَّع، وضررًا على الأدب وأهله، لأن من يشجَّع على الادِّعاء والغرور والعدوان يؤذي ولا يبقى فيه مصطلح، ويصدق أنه صار زبيبًا وإن كان في ذاته حصرمًا حامضًا يلذع اللسان ويجرح الحلق، ويكون عند نفسه أستاذًا جليلًا، وعلمًا مشهورًا وهو عند الناس تلميذ صغير ... ولأن الأدب إذا كثر الأدعياء فيه والواغلون عليه، وتصدَّر الجهلة مجالسه وامتهن العلماء الأبْيِنَاء (٢) هان الأدب وسقط. وهل في الهوان أهون من أن يكتب (زيد) من الأدباء مئة مقالة، يبذل فيها الغالي من عمره ومن قوته، ومن دم قلبه وضياء عينيه، بعد أن استعدَّ لها بالدرس والتحصيل وسهر الليالي في مدارسة كتب العلم ومطالعة أسفار الأدب، وصرم في ذلك الدهر الأطول فيأتي (عمرو) فيختصر الطريق، ويقفز من فوق الجدران فلا يقرأ شيئًا ولا يكتبه، ولكن يكتب مقالة يقول فيها عن نفسه: إن له مئة مقالة أو يسخِّر صديقًا له ليقول عنه إنه أحسن من (زيد) ذاك، وأرسخ منه في الأدب قدمًا، وأضخم منكبًا وأعلى هامة، ويصدق ذلك القراء ويستوي عندهم الرجلان. أو هو يَسُبُّ العالمين بدلًا من أن يعمل، وينقص أقدار الرجال ليزيد بما ينقص منهم، ويعلو بما يظن أنه يخفض من منازلهم ...

(١) انظر صفحة (١٢٨) من هذا الكتاب. (٢) أنشئ اليوم مجلس أعلى للفنون جمع فيه جماعة من الكتاب ولكن المؤلف لم يُذكر ولم يُدْع إليه.

1 / 206