فانتصبت قامة الفتاة وقالت: تقول الطلاق؟ فأي ذنب جنيته عليها حتى تركت بيتك ونبذت اسمك؟
وهكذا بان إجلال الفتاة لأمها، واعتقادها بأنها تترفع عن كل عيب وسفالة، ولم يكن ذلك اعتقادها في أبيها وكأنها قامت تتهمه دونها، فأجابتها جرجونة قائلة: بل اسألي عن الذنب الذي اقترفته أمك حتى طردها زوجها وطلقها.
فصاحت بوليت: أنت كاذبة يا هذه، أنت كاذبة!
فغضبت جرجونة وهاج هائج كبريائها، فقالت: أتستقبلينني بهذه الإهانة حين كنت عازمة على الاحتفاء بك وإكرامك؟ إذن فاسمعي الحقيقة كاملة ...
فاعترضها الكونت وقال: بحق السماء اسكتي يا كلوديا.
واقترب إلى زوجته وخاطبها همسا، قال: أتوسل إليك أن تسكتي، فإنني لا أريد أن أعذب ابنتي بتحقير أمها.
ولم تسمع بوليت هذه الكلمات إلا أنها فهمتها، فانبرت للإيطالية تقول لها: ما بالك صامتة، تكلمي واذكري التهمة التي ترمين بها أمي.
قال الكونت: أما أنا فأطلب أن لا يقال شيء بهذا المعنى، فعليكما بالسكوت معا.
ثم دنا من بوليت وقال: اصغي إلي يا ولدي، فليس للابنة أن تقضي بين والديها فتبرئ أحدهما أو تحكم عليه، وما عليك إلا أن تحترمي والديك دون أن تسألي عما كان.
قالت: سمعا وطاعة! وهمت بالانصراف، فقال لها: إلى أين؟ أجابت: إني لاحقة بأمي، قال: بل البثي فما تريدينه محال.
Unknown page