تلازم العربيان، وأخذ الزائر القديم يقص على الوافد الجديد عن أهل الجزيرة أغرب القصص، وكان أغربها عن سلطان الجزيرة الذي يقيم وحده في برج مغلق عليه، أو لعله برج بلا نوافذ وأبواب.
قال اليمني - واسمه حامد - لصديقي الرحالة: منذ بضعة أعوام ضجت هذه الجزيرة الهادئة ضجة اهتز لها كل أبنائها، وذلك إثر حادث غريب، امتزج فيه الوهم بالواقع، واختلطت الخرافة بالعلم الصحيح، وكانت نقطة البداية أن رأى السلطان - أو خيل إليه أنه رأى لا في أحلام نومه، بل في عز صحوته، شبحا غريبا - لا ندري كيف وجد طريقه إلى داخل البرج، والبرج مصمت كما ترى، وكان الشبح - فيما نقل عن رواية الرواة - شبحا لرجل، لا كالرجال في عالم الإنسان، فهو أطول من أي رجل رأته العين، وأعرض كتفين، وأغلظ عنقا، ورأسه بلا شعر، وله ثلاثة أعين في وجهه، وعين رابعة في أم رأسه، وأما عيون الوجه فاثنتان في الصدغين والثالثة في جبهته.
فزع السلطان لرؤيته فزعا شديدا، وهم بصرخة المستغيث لولا أن كتمه الشبح بإحدى راحتيه قائلا له: لا تخف يا صاحب الجلالة، سوف تجدني صديقا معينا.
السلطان :
من أنت؟ ومن أين جئت؟
الشبح :
وماذا ينفعك من أكون؟ وماذا يفيدك من أين جئت؟ لكن الذي يهمك حقا هو أنني جئتك منذرا بغزوة تقلب نعاسكم يقظة، وغفلتكم صحوة وحرصا.
السلطان :
لم أفهم عنك شيئا !
الشبح :
Unknown page